لانتباذ مريم مكانا شرقيا. الروح: جبريل، لأنّ الدين يحيا به وبوحيه. أو سماه الله روحه على المجاز؛ محبة له وتقريباً، كما تقول لحبيبك: أنت روحي. وقرأ أبو حيوة:(روحنا) بالفتح؛ لأنه سبب لما فيه روح العباد، وإصابة الرّوح عند الله الذي هو عدّة المقرّبين في قوله (فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ* فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ)[الواقعة: ٨٨ - ٨٩]، أو لأنه من المقرّبين، وهم الموعودون بالروح، أي: مقرّبنا وذا روحنا.
قوله:(أو سماه الله روحه على المجاز)، هذا يوهم أن الوجه الأول لا مجاز فيه، لكن هذا المجاز في الإضافة للتشريف على نحو: بيت الله وناقة الله، الأول من إطلاق المُسبب على السبب، لقوله:"لأن الدين يحيا به"، وإحياؤه الدين أيضاً مجازٌ عن إظهاره وتنويهه.
قله:(وإصابة الروح)، بالرفع، عطفٌ على "روح العباد" على أن يُراد بالروح: القرآن، فيكون من باب عطف الخاص على العام اهتماماً؛ لأن قوله:(فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ)[الواقعة: ٨٨ - ٨٩] بعضٌ منه. ويؤيده رواية الجر عطفاً على "ما" في "لِما". ويجوزُ أن يكونا لرفعُ عطفاً على سبيل البيان، كما أن قوله:"ونُوحيه" عطفٌ على الهاء في "به" كذلك، أي: أنه سبٌ لما فيه إصابة الروح عند الله؛ لأنه عليه السلامُ نزل بقوله:(فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ)[الواقعة: ٨٨ - ٨٩] وهو عدةُ المقربين.
قوله:(أو لأنه من المقربين)، أي: إنما قال: "روحنا" لأنه من المقربين، وإنما سُمي المقربون بالروح، لأنهم وُعدوا به فيكون مجازاً بأدنى ملابسة، فالوجهان في هذه القراءة كالوجهين في القراءة الأولى مجازاً وإضافة. نعم الإضافة الأولى أعلى وأسنى.
قوله:(وتحفل بالاستعاذة)، الجوهري: حفلت بكذا، أي: باليت به، يقال لا تحفل به.