عوض، وقوله:(لأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيّاً) نسب الملكُ الهبة إلى نفسه لكونه سبباً، وقرئ:"ليهب لك" فنُسبَ على الله عز وجل، فهو على الحقيقة، ويوصف الله تعالى بالواهب والوهاب بمعنى أنه: يُعطي كلا على قدر استحقاقه.
قوله:(أو هي حكاية لقوله عز وجل)، فالتقدير: أنا رسول ربك حاملاً لوحيه أني طهرتك واصطفيتك لأهب لك غُلاماً زكيا، أي: مطهراً.
قوله:(جعل المس عبارة عن النكاح الحال)، قال الإمامُ: ولقائل أن يقول: قولها: (وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ) يدخل تحته قولها: (وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً) فلماذا أعادها؟ ويُقوي السؤال قولها في آل عمران:(قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ)[آل عمران: ٤٧]، والجواب من وجهين، أحدهما: أنها جعلت المس عبارة عن النكاح الحلال.
وثانيهما: أن إعادتها لتعظيم حالها، كقوله تعالى:(وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ)[البقرة: ٩٨]؛ فذكرث البغي بعد دخوله في الكلام لأنه أعظمُ ما في بابه، لأن من لم تُعرف من النساء بالتزوج فأغلظ أحوالها إذا أتت بولدٍ أن تكون زانية.