إذا ارتحلوا عن الدار قالوا: انظروا أنساءكم، أي: الشيء اليسير نحو العصا والقدح والشظاظ. تمنت لو كانت شيئا تافها لا يؤبه له، من شأنه وحقه أن ينسى في العادة، وقد نسى وطرح فوجد فيه النسيان الذي هو حقه؛ وذلك لما لحقها من فرط الحياء والتشوّر من الناس على حكم العادة البشرية، لا كراهة لحكم الله، أو لشدّة التكليف
عمرو بن العلاء، وسمع من العرب كما سمع من كان قبله، أخذ عنه سيبويه والكسائي والفراء، وله مذاهب وأقيسةٌ تفرد بها.
قوله:(والشظاظ)، الجوهري: هو العود الذي يدخل في عروة الجوالق.
قوله:(تافهاً)، الجوهري: التافه: الحقير اليسير.
قله:(وقد نُسي واطرح): حالٌ من فاعل "يُنسى"، وهو الضمير الراجع إلى:(نَسْياً) و"أن يُنسى": فاعلُ "من شأنه"؛ لأنه صفة (نَسْياً) قد اعتمد عليه، وإنما قال:"من شأنه أن يُنسى في العادة"، لما قال: النسيُ: ما من حقه أن يُطرح ويُنسى، وفائدة توكيده بـ (مَنْسِيّاً): الدلالة على المبالغة، فإن كل نسي لا يلزم أن يكون منسياً، وإليه الإشارة بقوله:"فوجد فيه النسيان الذي هو حقه".
قوله:(لا كراهة)، قيل: هو عطفٌ على "لما لحقها"، وإنما حذف اللام؛ لأن الكراهة فعلٌ لفاعل الفعل المعلل، ولم يحذف في "لما لحقها" لأن ما لحقها وإن كان عبارة عن الحياء، وهو فعله، لكن لما أسند اللحوق إلى "ما" فكأنه ليس فعله، أو ليؤذن أن الحذف جائز عند وجود شرائط الحذف لا واجبٌ.
وقلت: ويمكن أن يُقال: إنه عطفٌ على محل قوله: "على حكم العادة البشرية" من حيث المعنى؛ لأنه حالٌ من الضمير المنصوب في "لحقها". المعنى: لما لحقها من فرط الحياء جارية على حكم العادة البشرية لا كارهة لحكم الله، أو يقال: هو عطفٌ على ما يتعلقُ به