فكلَّمها عيسى في الطريق فقال: يا أماه، أبشرى فإنى عبد الله ومسيحه، فلما دخلت به على قومها وهم أهل بيت صالحون تباكوا وقالوا ذلك. وقيل: هَمُّوا برجمها حتى تكلم عيسى عليه السلام. فتركوها.
(فَأَشارَتْ إِلَيْهِ) أى: هو الذي يجيبكم إذا ناطقتموه. وقيل: كان المستنطق لعيسى زكريا عليه السلام. وعن السدى: لما أشارت إليه غضبوا وقالوا: لسخريتها بنا أشدّ علينا من زناها. وروى: أنه كان يرضع، فلما سمع ذلك ترك الرضاع وأقبل عليهم بوجهه، واتكأ على يساره وأشار بسبابته. وقيل: كلمهم بذلك، ثم لم يتكلم حتى بلغ مبلغا يتكلم فيه الصبيان. (كانَ): لإيقاع مضمونِ الجملة في زمان ماضٍ مبهم يصلح لقريبه وبعيده، وهو هاهنا لقريبه خاصة، والدال عليه معنى الكلام، وأنه
قوله:(فإني عبد الله ومسيحه). النهاية: قيل: المسيح: الصديق، وهو بالعبرانية مشيحا فعرب، وقيل: إنما سمي لأنه كان لا يمسح بيده ذا عاهةٍ إلا برئ.
قوله:(والدليل عليه معنى الكلام) يعني: لما قيد مضمون الجملة ب ((كان))، وهي وإن كانت قيداً، لكن بالنظر إلى دلالتها على الأزمنة الماضية مطلقةٌ مفتقرةٌ في الاختصاص بزمانٍ دون زمانٍ إلى قرينةٍ مقيدة، وها هنا القرينة المخصصة بالزمان القريب: سوق الكلام للتعجب، فعلى هذا (نُكَلِّمُ) للحال الحاضرة، و ((من)): موصولةٌ، والمراد عيسى عليه السلام. ويجوز جعلها موصوفةً، فالمراد كل من هو موصوفٌ بكونه في المهد صبياًّ، فيكون قوله:(((نُكَلِّمُ) بحكاية الحال الماضية)) وكان على إيهامها، قال أبو البقاء: قيل: (كَانَ) مثل (وكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا)، وقيل: زائدةٌ، أي: من هو في المهد صبياًّ، و (صَبِيًا): حالٌ من