وعن السُّديّ: كانت من أولاده. وإنما قيل: يا أخت هارون، كما يقال يا أخا همدان، أى: يا أحداً منهم. وقيل: رجل صالح أو طالح في زمانها، شبهوها به، أى: كنت عندنا مثله في الصلاح، أو شتموها به، ولم ترد إخوة النسب، ذكر: أن هارون الصالح تبع جنازته أربعون ألفا كلهم يسمى هارون تبركا به وباسمه، فقالوا: كنا نشبهك بهارون هذا. وقرأ عمر بن لجأ التيمي:(ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ). وقيل: احتمل يوسف النجار مريم وابنها إلى غار، فلبثُوا فيه أربعين يوما حتى تعلت من نفاسها، ثم جاءت تحمله،
قوله:(أو شتموها به) عطفٌ على قوله: ((شبهوها به))، و (شبهوها)) نشرٌ، لقوله:((رجلٌ صالحٌ))، ومعنى التشبيه قولهم: كنا نشبهك بهارون، أو: كنت عندنا مثله في الصلاح، أو ((شتموها)) نشرٌ لقوله: ((أو طالح))، والشتم هو: إما أن يقولوا: أنت مثله في الفساد، أو اتهموها به. والله أعلم.
قوله:(تعلت من نفاسها)، أي: طهرت من بقايا ما كان يعتريها من نفاسها.
الأساس: بقية كل شيءٍ: علالته، وللفرس بداهةٌ وعلالةٌ. وقال:
وقد تعاللت ذميل العيس
وهو يتعلل ناقته، أي: يحلب اللبن الذي يجتمع في ضرعها بعد الحلب الأول، وما هي إلا علالةٌ أتعلل بها، وهي اسم ما يتعلل به.
قوله:(ثم جاءت تحمله) في ((إيجاز البيان)): (تَحْمِلُهُ): حالٌ منها أو منه أو منهما لحصول الضمائر في الجملة التي هي حالٌ. والبغي: الفاجرة، مصروفةٌ عن الباغية، أي: بمعنى المفعول، كقولك: نفسٌ قتيلٌ، وكفٌ خضيب. وقال صاحب ((الكشف)): ولم يقل: بغية، فيحتمل أن يكون (بَغِيًا) مصدراً، كما قالوا في قوله:(قَالَ مَن يُحْيِي العِظَامَ وهِيَ رَمِيمٌ)[يس: ٨] ولم يقل: رميمةٌ، قالوا: لأنه أراد المصدر، ويجوز أن يكون ذلك للفواصل.