(فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَها تَحْمِلُهُ قالُوا يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا (٢٧) يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا) [سورة مريم: ٢٧ - ٢٨].
الفرىّ: البديع، وهو من فرى الجلد (يا أُخْتَ هارُونَ) كان أخاها من أبيها من أمثل بنى إسرائيل. وقيل: هو أخو موسى صلوات الله عليهما. وعن النبي صلى الله عليه وسلم:«إنما عنوا هرون النبىّ» وكانت من أعقابه في طبقة الإخوة، بينها وبينه ألف سنة وأكثر.
قوله:(الفري: البديع)، الأساس: فلانٌ يفري الفري: إذا أتى بالعجب. ويقال: قد أفريت وما فريت، أي: أفسدت وما أصلحت. ومن المجاز: يفري الليل عن بياض النهار، وتفرت الأرض بالعيون.
الراغب: الفري: قطع الجلد للخرز والإصلاح، والإفراء: للإفساد، والافتراء فيهما، وفي الإفساد أكثر، ولذلك استعمل في القرآن للكذب والشرك والظلم، نحو:(ومَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى)[النساء: ٤٨]، وقوله تعالى:(لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًا) قيل: معناه عظيماً، وقيل: عجيباً، وقيل: مصنوعاً.
قوله:((هَارُونَ) كان أخاها من أبيها)، يؤيده ما روينا عن مسلم والترمذي، عن المغيرة بن شعبة قال: لما قدمت نجران سألوني فقالوا: إنكم تقرؤون: (يَا أُخْتَ هَارُونَ) وموسى قبل عيسى بكذا وكذا، فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سألته عن ذلك فقال:((إنهم كانوا يسمون بأنبيائهم والصالحين قبلهم))، والنظم يساعد عليه، كما سبق في قوله تعالى:(ولَمْ أَكُ بَغِيًا).
قوله:(وكانت من أعقابه)، أي: وكانت ممن يعقب هارون في مرتبة الأخوة، وذلك بأن تكون من نسل أخت هارون وأخيه. وقيل:((في طبقة))، خبر ((كان))، أي: كانت في طبقة الأخوة من جهة أعقابه، أي: أخلاقه في النسك والعبادة. و ((من)): ابتدائية.