للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السلام وأعدائهما من اليهود. وتحقيقه أن اللام للجنس، فإذا قال: وجنس السلام علىّ خاصة فقد عرض بأن ضدّه عليكم. ونظيره قوله تعالى: (وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى) [طه: ٤٧]، يعنى: أنّ العذاب على من كذَّب وتولَّى، وكان المقام مقام مُناكرة وعناد، فهو مئنة لنحو هذا من التعريض.

(ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ) [مريم: ٣٤].

قرأ عاصم وابن عامر (قَوْلَ الْحَقِّ) بالنصب. وعن ابن مسعود: (قال الحق)، و (قال الله) - وعن الحسن: (قول الحق)، بضم القاف، وكذلك في الأنعام (قَوْلُهُ الْحَقُّ) [الأنعام: ٧٣]، والقولُ والقالُ والقُوْل في معنى واحد، كالرَّهْب والرَّهَب والرُّهْب. وارتفاعه على أنه خبر بعد خبر، أو بدل، أو خبر مبتدأ محذوف. وأما انتصابه فعلى المدح إن فسر بكلمة الله، وعلى أنه مصدر مؤكد لمضمون الجملة إن أريد قول الثبات والصدق، كقولك: هو عبد الله الحق لا الباطل، وإنما قيل لعيسى: «كلمة الله» و «قول الحق» لأنه لم يولد إلا بكلمة الله وحدها، وهي قوله: «كُنْ» من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عَبْدُ اللَّهِ .... ) إلى آخر الآيات، براءةً لساحتها، وإظهاراً لكرامتها، فافتتح بالتعريض، وهو قوله: (إنِّي عَبْدُ اللَّهِ) رداًّ لقول النصارى، واختتم بمثله من التعريض، كأنه قال: والسلام علي دائماً والعذاب على من كذَّب وتولى، ولذلك قال: وكان المقام مقام مناكرةٍ وعناد، فهو مئنةٌ لنحو هذا من التعريض.

قوله: (فهو مئنةٌ). النهاية: أي: موضعٌ تستعمل فيه، أي: هي مفعلةٌ من معنى ((أن)) التي للتحقيق غير مشتقةٍ من لفظها، ووإنما ضمنت حروفها على أن معناها فيها كالحوقلة والحيعلة.

قوله: (وعن ابن مسعود: ((قال الحق)))، والحق: الله، ولهذا عقبه بقوله: ((وقال الله)).

<<  <  ج: ص:  >  >>