للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يتصور في العقول وليس بمقدور عليه، إذ من المحال غير المستقيم أن تكون ذاته كذات من ينشأ منه

الولد، ثم بين إحالة ذلك بأن من إذا أراد شيئا من الأجناس كلها أوجده بـ (كن)، كان منزها من شبه الحيوان الوالد. والقول هاهنا مجاز، ومعناه: أنّ إرادته للشيء يتبعها كونه لا محالة من غير توقف، فشبه ذلك بأمر الآمر المطاع إذا ورد على المأمور الممتثل.

(وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) [مريم: ٣٦].

قرأ المدنيُّون وأبو عمرو بفتح ((أن)). ومعناه: ولأنه ربى وربكم فاعبدوه، كقوله: (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً) [الجن: ١٨]،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شتمها، أتى بما يلقمهم الحجر، وشفع النص الساطع بالبرهان القاطع، فقال: (مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن ولَدٍ سُبْحَانَهُ)، ثم علله بقوله: (إذَا قَضَى أَمْرًا فَإنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ)، فالآيتان معترضتان بين كلامي المسيح عليه السلام (إنِّي عَبْدُ اللَّهِ)، (وإنَّ اللَّهَ رَبِّي ورَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ) تقريراً لمعنى العبودية، ينصر هذا النظم قول الواحدي: ((من كسر (وإنَّ اللَّهَ رَبِّي ورَبُّكُمْ) جعله عطفاً على قوله: (إنِّي عَبْدُ اللَّهِ)، وما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن عيسى عليه السلام أقر بالعبودية على نفسه وبربوبية الله تعالى أول ما تكلم)).

قوله: (من إذا أراد شيئاً) موصولةٌ منصوبةٌ ب ((أن) والجملة الشرطية من قوله: ((إذا أراد)) مع جوابه- وهو: ((أوجده)) - صلتها، و ((كان منزهاً)) خبر ((أن)).

قوله: (قرأ المدنيون وأبو عمروٍ) وقرأ ابن كثيرٍ أيضاً: بفتح ((أن)).

قوله: (كقوله: (وأَنَّ المَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا) [الجن: ١٨] قال المصنف: ((لأن المساجد لله، اللام متعلقةٌ ب (لا تَدْعُوا)، أي: لا تدعوا مع الله أحداً في المساجد لأنها لله

<<  <  ج: ص:  >  >>