روي أنّ هذه بئر نزل عليها صالح عليه السلام مع أربعة آلاف نفر ممن آمن به. ونجاهم الله من العذاب، وهي بحضر موت. وإنما سميت بذلك لأنّ صالحا حين حضرها مات، وثمة بلدة عند البئر اسمها «حاضوراء» بناها قوم صالح، وأمّروا عليهم جلهس بن جلاس، وأقاموا بها زمانا ثم كفروا وعبدوا صنما، وأرسل الله إليهم حنظلة ابن صفوان نبيا فقتلوه، فأهلكهم الله وعطل بئرهم وخرّب قصورهم.
يحتمل أنهم لم يسافروا فحثوا على السفر، ليروا مصارع من أهلكهم الله بكفرهم، ويشاهدوا آثارهم فيعتبروا. وأن يكونوا قد سافروا ورأوا ذلك ولكن لم يعتبروا، فجعلوا كأن لم يسافروا ولم يروا. وقرئ "فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ" بالياء، أي: يعقلون ما يجب أن يعقل من التوحيد، ويسمعون ما يجب سماعه من الوحى (فَإِنَّها) الضمير ضمير الشأن والقصة، يجيء مذكرا ومؤنثا وفي قراءة ابن مسعود:"فإنه". ويجوز أن يكون ضميرا مبهما يفسره (الْأَبْصارُ) وفي (تعمى) ضمير راجع إليه. والمعنى: أنّ
وأنها باقيةٌ. قال أبو البقاء:(وَبِئْرٍ) معطوفة على (قَرْيَةٍ).
قوله:(حضرموت) المغرب: هي بلدةٌ صغيرةٌ في شرقي عدن.
قوله:(وأن يكونوا قد سافروا ورأوا ذلك، ولكن لم يعتبروا)، معنى: الفاء في (أَفَلَمْ يَسِيرُوا) يقتضي معطوفاً عليه وهو إما الكلام السابق، والهمزةُ دخلت بين المعطوف والمعطوف عليه لمزيد الإنكار، أي: كأين من قرية أهكلناها فهي ظالمةٌ فلم يسيروا في الأرض فيعتبروا. وإليه الإشارة بقوله:"ولن لم يعتبروا فجُعلوا كأن لم يسافروا"، أو الفاءُ عطفٌ على مُقدر، والهمزةُ على أصلها في صدر الكلام، أي: أتقاعدوا في الأرض فلم يسيروا فيها ليعتبروا.