للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المتسمين بالزنى: محرمٌ عليه محظور، لما فيه من التشبه بالفساق، وحضور موقع التهمة، والتسبب لسوء القالة فيه والغيبة، وأنواع المفاسد، ومجالسة الخطائين كم فيها من التعرض لاقتراف الآثام، فيكف بمزواجة الزواني والقحاب؟ ! وقد نبه على ذلك بقوله: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور: ٣٢]. وقيل: كان بالمدينة موسرات من بغايا المشركين، فرغب فقراء المهاجرين في نكاحهن،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بامرأة، ليس له أن يتزوجها" مبنيين على هذا، والآية منسوخة. قال القاضي: وإنما حرم ذلك على المؤمنين، لأنه تشبيهٌ بالفساق، ولذلك عبر عن التنزيه بالتحريم مبالغةً، وقيل: النفي بمعنى النهي، وقد قرئ به، والحرمة على ظاهرها، والحكم مخصوصٌ بالسبب الذي ورد فيه، وهو نكاح الموسرات من بغايا المشركين، أو منسوخٌ بقوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} [النور: ٣٢] فإنه يتناول المسافحات.

قوله: (لسوء القالة فيه)، الراغب: القالة: كل قول فيه طعنٌ وغميزة وقال: بعضهم: القال والقالة: ما ينتشر من القول، قال الخليل: يوضع القال موضع القائل، فيقال: أنا قال كذا، أي: قائله.

قوله: (وقد نبه على ذلك بقوله: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ}، يعني: إذا كان الصالحون من الأرقاء والمماليك موصى في حقهم التزوج بسبب الصلاح، فالحرائر أولى بالتوصية أن يحترزن عن نكاح الفاسقين، والأحرار عن الفواسق، لأن السبب في شرعية النكاح التحصن في الدين، وحفظ الصلاح، والتكاثر من الصلحاء، فعلى هذا قوله تعالى: {وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور: ٣٢] تأكيدٌ للآية وموافقةٌ لها، ولهذا كانت الآية على هذا الوجه غير منسوخة.

<<  <  ج: ص:  >  >>