فاستأذنوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فنزلت. وعن عائشة رضي الله عنها: أن الرجل إذا زنى بامرأة: ليس له أن يتزوجها، لهذه الآية، وإذا باشرها كان زانياً. وقد أجازه ابن عباس وشبهه بمن سرق ثمر شجرة ثم اشتراه.
وعن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه سئل عن ذلك، فقال:"أوله سفاحٌ وآخره نكاح، والحرام لا يحرم الحلال"، وقيل: المراد بالنكاح الوطء. وليس بقول، لأمرين: أحدهما: أن هذه الكلمة أينما وردت في القرآن لم ترد إلا في معنى العقد. والثاني: فساد المعنى وأداؤه إلى قولك: الزاني لا يزنى إلا بزانية، والزانية لا يزني بها إلا زان. وقيل: كان نكاح الزانية
قوله:(سفاح)، النهاية: السفاح: الزنى، مأخوذٌ من سفحت الماء: إذا صببته، وأراد به أن المرأة تسافح رجلاً مدةً ثم يتزوجها، وهو مكروهٌ عند بعض الصحابة، وعن بعضهم: المرأة مسافحٌ بها ومسفوحٌ فيها، فتسميتها مسافحة مجازٌ، كالزانية من: زنأت الجبل، إذا علوت.
الانتصاف: كره مالكٌ نكاح المشهورين بالفاحشة، ونقل بعض أصحابه إجماع المذاهب أن للمرأة أو لوليها فسخ نكاح الفاسق.
قوله:(أن هذه الكلمة أينما وردت في القرآن لم ترد إلا في معنى العقد)، قال الزجاج: لا يعرف شيءٌ من ذكر النكاح في كتاب الله إلا على معنى التزويج، قال الله تعالى:{وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ}[النور: ٣٢]، {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ}[الأحزاب: ٤٩].
قوله:(وأداؤه إلى قولك: الزاني لا يزني إلا بزانية)، قال صاحب "التقريب": وليس فساده لأنه بيانٌ للواضحات، بل لأنه غير مسلم، إذ قد يزني الزاني بغير الزانية لعلم أحدهما بالزنى، والآخر جاهلٌ به، يظن الحل، وقال القاضي: لأنه يؤول المعنى إلى نهي الزاني عن الزنى إلا بزانية، والزانية أن يزني بها إلا زان وهو فاسد.