للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

محرماً في أول الإسلام، ثم نسخ، والناسخ قوله: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} [النور: ٣٢] وقيل: الإجماع، وروي ذلك عن سعيد بن المسيب. فإن قلت: أي فرقٍ بين معنى الجملة الأولى ومعنى الثانية؟ قلت: معنى الأولى: صفة الزاني بكونه غير راغبٍ في

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وقيل: الإجماع)، أي: الناسخ الإجماع، وعن بضعهم: فيه نظرٌ، لأن النسخ لا يجوز إلا زمان ورود النص، وإذا وافق النبي - صلى الله عليه وسلم - أهل الاجتهاد في حكم كان ذلك نصاً لا إجماعًا.

قوله: (أي فرق بين معنى الجملة الأولى ومعنى الثانية؟ )، يعني معنى قوله: {وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ}، يعود إلى قوله: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً}، لأن إسناد النكاح في الجملتين إلى الزاني. وأجاب بأن المسند إليه هو الذي يستدعي أن يحكم عليه، فهو في الحقيقة الموصوف، والخبر كالصفة تابعٌ له، ومن ثم سمى ابن جني المبتدأ رب الجملة، فيرجع معنى الجملة الأول إلى أن الزاني هو الذي يجتهد في تحصيل الفاجرة، ويرغب عن نكاح العفائف، ومعنى الثانية إلى أن الزانية حكمها أن لا يرغب فيها إلا عقابل الزنية، فيكون الذم راجعًا إليها بالأصالة، كما رجع إلى الزاني في الأولى بالأصالة، وإن استتبع كلٌ منهما ذم الآخر، ولو لم يذكر الثانية لم يعلم ذلك.

الانتصاف: ليس ما ذكره الزمخشري موضحًا لتطابق الجملتين، وإيضاحه: أن الأقسام أربعة: الزاني لا يرغب إلا في زانية، والزانية لا ترغب إلا في زان، والعفيف لا يرغب إلا في عفيفة، والعفيفة لا ترغب إلا في عفيف، فذكر منها قسمان دالان على القسمين المسكوت عنهما، فالقسم الأول دالٌ على قرينه، وهو انحصار رغبة العفيف في العفيفة. والقسم الثاني: يفهم منه الرابع وهو انحصار رغبة العفيفة في العفيف، وعبر عن الزنية بما لا ينفك عن الزنى، فذكر الأعفاء بسلب نقائصهم، وأسند النكاح في القسمين المذكورين إلى الذكور، بخلاف قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} جعل كل واحد منهما زانياً، وقدم الزانية في الكلام

<<  <  ج: ص:  >  >>