العفائف، ولكن في الفواجر. ومعنى الثانية: صفة الزانية بكونها غير مرغوب فيها للأعفاء، ولكن للزناة، وهما معنيان مختلفان. فإن قلت: كيف قدمت الزانية على الزاني أولاً، ثم قدم عليها ثانياً؟ قلت: سيقت تلك الآية لعقوبتهما على ما جنيا، والمرأة هي المادة التي منها نشأت الجناية، لأنها لو لم تطمع الرجل، ولم تومض له، ولم تمكنه لم يطمع، ولم يتمكن، فلما كانت أصلاً وأولاً في ذلك: بدئ بذكرها. وأما الثانية فمسوقةٌ لذكر النكاح، والرجل أصلٌ فيه، لأنه هو الراغب والخاطب، ومنه يبدأ الطلب. وعن عمرو بن عبيد:(لا ينكح) بالجزم على النهي. والمرفوع أيضاً فيه معنى النهي، ولكن أبلغ وآكد، كما أن "رحمك الله" و"يرحمك": أبلغ من "ليرحمك" ويجوز أن يكون خبراً محضاً، على معنى: أن عادتهم جاريةٌ على ذلك، وعلى المؤمن أن لا يدخل نفسه تحت هذه العادة ويتصون عنها. وقرئ:(وحرم) بفتح الحاء.
الأول، لأن الأصل في الزنى المرأة لما يبدو من إطماعها، والثاني في النكاح، إذ المعتبر فيه الرجل، وهم البادون بالخطبة. ولما كان الغرض تنفير الإعفاء من الزنى قربنه بالشرك. تم كلامه. وليس بطائلٍ، لأن قوله تعالى:{وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} متضمنٌ لمعنى القسمين المقدرين.
قوله:(ولم تومض له)، الجوهري: أومضت المرأة: إذا سارقت النظر من: "ومض البرق وميضًا": إذا لمع لمعاناً خفيفاً.
قوله: (كما أن "رحمك الله" و "يرحمك": أبلغ)، وهم يسلكون هذه الطريقة للتفاؤل، كأنهم أسعفوا بمطلوبهم، فهم يخبرون عنه.
قوله:(ويجوز أن يكون خبرًا محضًا)، عطفٌ على قوله:"والمرفوع أيضًا فيه معنى النهي".