وقرئ:(بأربعة شهداء) بالتنوين. و (شهداء) صفة. فإن كنت: كيف يشهدون: مجتمعين أو متفرقين؟ قلت: الواجب عند أبي حنيفة وأصحابه أن يحضروا في مجلسي واحد، وإن جاؤوا متفرقين: كانوا قذفة، . وعند الشافعي: يجوز أن يحضروا متفرقين. فإن قلت: هل يجوز أن يكون زوج المقذوفة واحداً منهم؟ قلت: يجوز عند أبي حنيفة خلافاً للشافعي. فإن قلت: كيف يجلد القاذف؟ قلت: كما جلد الزاني، إلا أنه لا ينزع عنه من ثيابه إلا ما ينزع عن المرأة من الحشو والفرو. والقاذفة أيضًا كالزانية. وأشد الضرب: ضرب التعزيز، ثم ضرب الزنى، ثم ضرب شرب الخمر، ثم ضرب القاذف.
قوله: (وقرئ: "بأربعة شهداء" بالتنوين)، قال ابن جني: هي قراءة عبد الله بن مسلم ابن يسار وأبي زرعة، وهذا حسنٌ في معناه، وذلك أن أسماء العدد من الثلاثة إلى العشرة لا تضاف إلى الأوصاف، لا يقال: عندي ثلاثة طريقين، إلا إذا أقيمت الصفة مقام الموصوف، وهذا هو الوجه في قراءة الجماعة {بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} بالإضافة، فإنهم استعملوا الشهداء استعمال الأسماء.
قوله:(وأشد الضرب: ضرب التعزير)، النهاية: وأصل التعزير: المنع والرد، ولهذا قيل للتأديب الذي هو دون الحد: تعزيرٌ، لأنه لا يمنع الجاني أن يعاود الذنب. وقيل: وفي كتاب سلالة "التفريد": أشد الضرب التعزير، ثم حد الزنى، ثم حد الشرب، ثم حد القذف، فإن التعزير نقص من العدد، وزيد في وصفه. وحد الزنى منصوصٌ في تغليظه، قال تعالى:{وَلَا تَاخُذْكُمْ بِهِمَا رَافَةٌ}، وحد الشرب متيقنٌ، بخلاف القذف، فيكون أبلغ، ولذلك لا يجرد في حد القذف، لأن سببه غير متقين.
وقال الإمام: قيل: أشد الضرب في الحدود ضرب الزنى، ثم ضرب شرب الخمر، ثم ضرب القاذف. وقال القاضي: إنما كان ضرب القاذف أخف، لضعف سببه، واحتمال