ألا تراك تقول: لولا ينزل، بالرفع؟ وقد عطف عليه {يُلْقَى}، و {تَكُونُ} مرفوعين، ولا يجوز النصب فيهما، لأنهما في حكم الواقع بعد {لَوْلَا}، ولا يكون إلا مرفوعاً. والقائلون: هم كفار قريش: النضر بن الحارث، وعبد الله بن أبي أمية، ونوفل بن خويلد، ومن ضامهم. {مَسْحُورًا}: سحر فغلب على عقله. أو: ذا سحر، وهو الرئة، عنوا أنه بشرٌ لا ملك.
{ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ} أي: قالوا فيك تلك الأقوال واخترعوا لك تلك الصفات والأحوال النادرة، من: نبوةٍ مشتركةٍ بين إنسان وملك، وإلقاء كنزٍ عليك من السماء، وغير ذلك، فبقوا متحيرين ضلالاً، لا يجدون قولاً يستقرون عليه. أو: فضلوا عن الحق فلا يجدون طريقاً إليه.
قوله:(وهي الرئة)، الجوهري: الرئة: السحر، مهموزٌ، ويجمع على: رئين، والهاء عوضٌ من الياء، تقول منه: رأيته، أي: أصبت رئته.
الأساس: كل ذي سحرٍ يتنفس وهو الرئة. ومن المجاز: سحره، وهو مسحورٌ، وإنما سمي السحر استعارةً، لأنه وقت إدبار الليل وإقبال النهار فهو متنفس.
قوله:(أو: فضلوا عن الحق)، عطفٌ على قوله:"فبقوا متحيرين"، وعلى الأول متعلقٌ {ضَلُّوا} غير منوي، و {فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا} هو نفس الضلال، لأن كل من كان متحيراً لا يثبت على شيء، على الثاني: متعلق {ضَلُّوا} مقدرٌ، وهو: عن الحق، والفاء في الوجه الأول كالفاء في {فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}[البقرة: ٥٤] على وجه. ومن ثم لم يأت المصنف في التقدير بالفاء. وفي الثاني: للتثبيت، ولهذا صرح بها.