للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفزع وثبوته وأنه كائن لا محالة، واقع على أهل السماوات والأرض، لأنّ الفعل الماضي يدل على وجود الفعل وكونه مقطوعا به. والمراد فزعهم عند النفخة الأولى حين يصعقون (إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ) إلا من ثبت الله قلبه من الملائكة، قالوا: هم جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، وملك الموت عليهم السلام. وقيل: الشهداء. وعن الضحاك: الحور، وخزنة النار، وحملة العرش. وعن جابر: منهم موسى عليه السلام، لأنه صعق مرّة. ومثله قوله تعالى: (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ ومَنْ فِي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المخيف، وهو من جنس الجزع، ولا يقال: فزعت من الله، كما يقال: خفت منه، وقوله عز وجل: {لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ} [الأنبياء: ١٠٣]، أي: الفزع من دخول النار، وقوله تعالى: {إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} [سبأ: ٢٣]، أي: أزيل، يقال: فزع إليه: إذا استغاث به عند الفزع، وفزع له: أغاثه، وقول الشاعر:

كنا إذا ما أتانا صارخٌ فزعٌ

أي: صارخٌ أصابه فزعٌ، ومن فسره بأن معناه: المستغيث، فإن ذلك تفسيرٌ للمقصود من الكلام، لا للفظ الفزع.

قوله: (وعن جابر: منهم موسى عليه السلام لأنه صعق مرةً)، أشار إلى حديث أبي سعيد في حديث لطم الأنصاري اليهودي، قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تخيروني من بين الأنبياء، فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق، فإذا أنا بموسى أخذٌ بقائمةٍ من قوائم العرش، فلا أدري أفاق قبلي، أو جوزي بصعقة الطور". أخرجه البخاري ومسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>