للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غيره، وكأنهم لم يخلقوا إلا للكفر والمعصية، وإنما خلقوا للإيمان والطاعة: يخاطبون بهذا قبل كبهم في النار ثم يكبون فيها، وذلك قوله: (وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ) يريد أن العذاب الموعود يغشاهم بسبب ظلمهم. وهو التكذيب بآيات الله، فيشغلهم عن النطق والاعتذار، كقوله تعالى: (هَذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ) [المرسلات: ٣٥].

(أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [النمل: ٨٦].

جعل الإبصار للنهار وهو لأهله. فإن قلت: ما للتقابل لم يراع في قوله: (لِيَسْكُنُوا) و (مُبْصِراً) حيث كان أحدهما علة والآخر حالا؟ قلت: هو مراعى من حيث المعنى، وهكذا النظم المطبوع غير المتكلف، لأن معنى مبصرا: ليبصروا فيه طرق التقلب في المكاسب.

[(وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ)].

فإن قلت: لم قيل: (فَفَزِعَ) دون فيفزع؟ قلت: لنكتة؛ وهي الإشعار بتحقق

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والواو في "وإنما خلقوا" للحال، وفيه تقريرٌ لمذهبه.

وقدر بعض أهل السنة: "ماذا كنتم تعملون"، أي: ماذا أطقتم من غير ذلك حتى تعلموا، نزلهم منزلة العجزة عن خلاف الكفر والتكذيب، لأنهم مطبوعٌ على قلوبهم.

قوله: (هو مراعى)، أي: التقابل مراعى من حيث المعنى، وسيجيء تقريره في سورة "حم المؤمن" في مثل هذه الآية إن شاء الله تعالى.

قوله: (لم قيل: {فَفَزِعَ}، الراغب: الفزع: انقباضٌ ونفار يعتري الإنسان من الشيء

<<  <  ج: ص:  >  >>