أي: له خير حاصل من جهتها وهو الجنة. وعن ابن عباس، الحسنة كلمة الشهادة. وقرئ:(يَوْمَئِذٍ) مفتوحا مع الإضافة، لأنه أضيف إلى غير متمكن. ومنصوبا مع تنوين (فَزَعٍ). فإن قلت: ما الفرق بين الفزعين؟ قلت: الفزع الأوّل: هو ما لا يخلو منه أحد عند الإحساس بشدّة تقع وهول يفجأ، من رعب وهيبة، وإن كان المحسن يأمن لحاق الضرر به، كما يدخل الرجل على الملك بصدر هياب وقلب وجاب وإن كانت ساعة إعزاز وتكرمة وإحسان وتولية. وأمّا الثاني: فالخوف من العذاب. فإن قلت: فمن قرأ (مِنْ فَزَعٍ) بالتنوين ما معناه؟ قلت: يحتمل معنيين. من فزع واحد وهو خوف العقاب، وأمّا ما يلحق الإنسان من التهيب والرعب لما يرى من الأهوال والعظائم، فلا يخلون منه، لأنّ البشرية تقتضي ذلك. وفي الأخبار والآثار ما يدل عليه.
قوله:(أي: له خيرٌ حاصلٌ من جهتها)، قال أبو البقاء:{خَيْرٌ مِنْهَا}، أي: أفضل منها، فـ "من" في موضع نصبٍ، ويجوز أن يكون بمعنى فضل، وموضع "منها" رفعٌ صفةٌ لـ "خيرٌ"، أي: له خيرٌ حاصلٌ بسببها.
قوله:(وقلب وجاب)، النهاية: سمعت وجبة قلبه، أي: خفقانه، يقال: وجب القلب جيب وجيبًا، إذا خفق.
قوله:(وفي الأخبار والآثار ما يدل عليه)، أي: على المعنى الأول في الجواب، أما الأخبار، فمنها حديث الشفاعة، روينا عن البخاري ومسلمٍ والترمذي عن أبي هريرة في حديثٍ طويل، وفيه:"يجمع الله الأولين والآخرين في صعيدٍ واحدٍ فيبصرهم الناظر، ويسمعهم الداعي، وتدنو منهم الشمس فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون"، ثم ساق الراوي الحديث، إلى أن آدم يقول:"نفسي نفسي"، وكذا إبراهيم وموسى وعيسى.