ووصف ذاته بالتحريم الذي هو خاص وصفها، فأجزل بذلك قسمها في الشرف والعلو، ووصفها بأنها محرّمة لا ينتهك حرمتها إلا ظالم مضادّ لربه (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ)[الحج: ٢٥] لا يختلى خلاها، ولا يعضد شجرها، ولا ينفر صيدها. واللاجئ إليها آمن
قوله:(ووصف ذاته بالتحريم الذي هو خاص وصفها)، أي: وصف البلدة، يعني: كان من حق الظاهر أن يصف البلدة، ويقول: البلدة التي حرمها الله، فوصف نفسه بقوله: الذي حرمها، ليؤذن بتعظيمه.
فإن قلت: ما الفرق بين الوصفين؟
قلت: إذا قلت: رب هذه البلدة الذي حرم مكة، أعلمت أن مكة من جلالة قدرها، وعلو مرتبتها بحيث يصح أن يوصف بتحريمها ذو الجلال والإكرام، وأن الوصف به كالوصف بالأسماء الحسنى، وإليه الإشارة بقوله:"فأجزل بذلك قسمها في الشرف والعلو"، وإذا قلت: رب هذه البلدة التي حرمها الله، لم يقع هذا الموقع.
ومالك إلا مقسمٌ ليس فائتًا … به أحدٌ فاعجل به أو تأخرا
قوله:(لا يختلي خلالها)، النهاية: الخلا مقصورٌ: النبات الرطب الرقيق ما دام رطبًا، واختلاؤه: قطعه، فإذا يبس فهو حشيشٌ. لا يعضد: لا يقطع، يقال: عضدت الشجر، أعضده عضدًا، والعضد- بالتحريك- المعضود.