على وجه الظن لا اليقين، فلم تجد بدّا في العبارة عن ثباته عندك على ذلك الوجه، من ذكر شطرى الجملة مدخلاً عليهما فعل الحسبان، حتى يتم لك غرضك. فإن قلت: فأين الكلام الدال على المضمون الذي يقتضيه الحسبان في الآية؟ قلت: هو في قوله: (أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) وذلك أن تقديره: أحسبوا تركهم غير مفتونين، لقولهم: آمنا، فالترك أول مفعولي "حسب"؛ ولقولهم: آمنا، هو الخبر. وأما «غير مفتونين» فتتمة الترك، لأنه من الترك الذي هو بمعنى التصيير، كقوله:
فتركته جزر السّباع ينشنه
ألا ترى أنك قبل المجيء بالحسبان، تقدر أن تقول: تركهم غير مفتونين، لقولهم:
جزَرَ السِّباعِ: اللَّحمُ الذي تأكلُه، وهو مفعولٌ ثانٍ إن كان التَّرْكُ بمعنى التَّصييرِ، وإلاّ فحالٌ؛ أي: تَركنَه وهو جَزَرُ السِّباعِ. النَّوْشُ: التَّناوُلُ. القَضْمُ: الأكلُ بطَرَف الأسنانِ. يصف مقتولاً. إذا كانت الروايةُ بالنُّون فالضَّميرُ في ((تَرَكنه)) للخيل، وإذا كانت بالتاء فللشاعِر، والمسموعُ بالنُّون.