للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من المؤمنين، حيث لا يذكرون إلا الله، ولا يدعون معه إلهًا آخر. وفي تسميتهم مخلصين ضرب من التهكم، (فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ) وآمنوا عادوا إلى حال الشرك: واللام في (لِيَكْفُرُوا) محتملة أن تكون لام "كى"، وكذلك في (وَلِيَتَمَتَّعُوا) فيمن قرأها بالكسر. والمعنى: أنهم يعودون إلى شركهم ليكونوا بالعود إلى شركهم كافرين بنعمة النجاة، قاصدين التمتع بها والتلذذ لا غير، على خلاف ما هو عادة المؤمنين المخلصين على الحقيقة: إذا أنجاهم الله أن يشكروا نعمة الله في إنجائهم، ويجعلوا نعمة النجاة ذريعةً إلى ازدياد الطاعة، لا إلى التمتع والتلذذ، وأن تكون لام الأمر، وقراءة من قرأ: (وليتمتعوا) بالسكون تشهد له. ونحوه قوله تعالى: (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)] فصلت: ٤٠ [. فإن قلت: كيف جاز أن يأمر الله تعالى بالكفر وبأن يعمل العصاة ما شاءوا، وهو ناهٍ عن ذلك ومتوعد عليه؟ قلت: هو مجاز عن الخذلان والتخلية، وأن ذلك الأمر متسخط إلى غاية. ومثاله أن ترى الرجل قد عزم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الآيات السابقة من الشرك الذي بَيَّنَ عنه قوله: {فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} ومن التمتع بالدنيا المُومَأ إليه بقوله: {مَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ}.

قوله: (من قرأ: ((وَلْيَتَمتَّعُوا)) بالسكون) ابن كثير وقالون وحمزة والكسائي، والباقون: بكسر اللام.

قال مكي: مَنْ كَسرها جَعلَها لام ((كي))، ويجوز أن يكون لام أمر، ومن أسكنَها فهي لامُ أمرٍ لا غير. ولا يجوز أن يكون مع الإسكان لام ((كي))، لأنّ لام ((كيْ)) حُذِفَتْ بعدها ((أن))، فلا يجوزُ حذْفُ حركتِها أيضًا لضعفِ عواملِ الأفعال.

قوله: ({اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فُصِّلَت: ٤٠])، فالأمر للتهديد.

قوله: (مُتسخَّط)، الأساس: سَخِط عليه سُخْطًا، وهو مَسْخوطٌ عليه، وأسخطه: أعطاه قليلاً، فَتسخَّطه: لم يرضه، والبِرُّ مَرضاة للربِّ مَسْخَطةٌ للشيطان، ولا يَتعرّضُ لسُخْطةِ الملك.

<<  <  ج: ص:  >  >>