على أمر، وعندك أنّ ذلك الأمر خطأ، وأنه يؤدى إلى ضرٍر عظيم، فتبالغ في نصحه واستنزاله عن رأيه، فإذا لم تر منه إلا الإباء والتصميم، حردت عليه وقلت: أنت وشأنك وافعل ما شئت، فلا تريد بهذا حقيقة الأمر. وكيف والآمر بالشيء مريد له، وأنت شديد الكراهة متحسر، ولكنك كأنك تقول له: فإذ قد أبيت قبول النصيحة، فأنت أهل ليقال لك: افعل ما شئت وتبعث عليه، ليتبين لك إذا فعلت صحة رأى الناصح وفساد رأيك.
كانت العرب حول مكة يغزو بعضهم بعضًا، ويتغاورون، ويتناهبون، وأهل مكة قارّون آمنون فيها، لا يغزون ولا يغار عليهم مع قلتهم وكثرة العرب، فذكرهم الله هذه النعمة الخاصة عليهم، ووبخهم بأنهم يؤمنون بالباطل الذي هم عليه، ومثل هذه النعمة المكشوفة الظاهرة، وغيرها من النعم التي لا يقدر عليها إلا الله وحده، مكفورة عندهم.
قوله:(والآمِرُ بالشيء مريدٌ له) يعني: أمر الكافر بالإيمان، فلا يكون مريدًا للكفر منه. هذا مذهبه. وعند أهل السنة: يجوز أن يكون الأمر على خلاف المراد؛ لأن الله تعالى أمر فرعون بالإيمان ولم يرد منه إلا الكفر.
قوله:(وتُبعَثُ عليه)، الأساس: بعثه على الأمر، وتباعثوا عليه.