لم يتلعثموا في تكذيبه وقت سمعوه، ولم يفعلوا كما يفعل المراجيح العقول المثبتون في الأمور: يسمعون الخبر فيستعملون فيه الروية والفكر. ويستأنون إلى أن يصح لهم صدقه أو كذبه، (أَلَيْسَ) تقرير لثوائهم في جهنم، كقوله:
ألستم خير من ركب المطايا
قال بعضهم: ولو كان استفهامًا ما أعطاه الخليفة مئةً من الإبل. وحقيقته: أن الهمزة همزة الإنكار دخلت على النفي، فرجع إلى معنى التقرير، فهما وجهان، أحدهما:
قوله:(لم يَتَلَعثَموا)، الجوهري: أبو زيد: تلعثم الرجل في الأمر: إذا مكث فيه وتأني.
وقال الخليل: نكل عنه وتبصَّر.
قوله:(المراجيح العقول)، ومن المجاز: رجل راجح العقل، وفلان في عقله رجاحة، وفي خُلقه سَجاحة.
قوله:(ويَسْتَأنون)، تأني في الأمر واستأنى، يقال: تأنَّ في أمرك: اتَّئِد، واستأنيت فلانًا: لم أعجله، واستأنى: رفق. في ((الأساس)). هذا كُله معنى {لَمَّا} في {لَمَّا جَاءَهُ}
قوله:(ألستُم خيرَ مَن ركبَ المَطايا)، تمامه:
وأندى العالمين بطونَ راح
يقال: نَدِيَتْ كفُّه بكذا؛ أي: جادت، يعني أكثرهم عطاء. قيل لما مدح الشاعر الخليفة بهذه القصيدة وبلغ البيت متكئًا فاستوى جالسًا فرحًا، وقال: مَنْ مَدحَنا فليمْدَحْنا هكذا، وأعطاه مئة من الإبل.