ألا يثوون في جهنم، وألا يستوجبون الثواء فيها، وقد افتروا مثل هذا الكذب على الله، وكذبوا بالحق هذا التكذيب والثاني: ألم يصح عندهم أن في جهنم مثوى للكافرين، حتى اجترءوا مثل هذه الجرأة؟ .
[(وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ الله لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)] ٦٩ [
أطلق المجاهدة ولم يقيدها بمفعول؛ ليتناول كل ما يجب مجاهدته من النفس الأمّارة بالسوء والشيطان وأعداء الدين، (فِينا) في حقنا ومن أجلنا ولوجهنا خالصًا،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يستوجبون الثواءَ فيها وقد افتروا)) هذا مستفاد من جعل التعريف في ((الكافرين)) للعهد، وتنزيله منزلة المضمر إشعارًا بالعِلّيّة.
قوله: (والثاني: ألم يصحَّ عندهم أن في جهنم مثوىً للكافرين) على أن التعريف للجنس، فيلزم منه إدخالهم في ذلك الحكم بطريق برهاني.
قوله: ({فِينَا} في حَقِّنا ومن أجلِنا ولوَجهنا) أكّد تفسيرَ ((فينا)) وترقّي فيه، وذلك لاستعمالِ ((في)) وإدخالها على صيغةِ التعظيم، كأنه أريد أنّ حَقيقة المجاهدة مكانُها ومستقَرّها أن تكونَ في الله وفي ذاته لا يتجَزّأُ منها شيءٌ إلى مكانٍ آخر، وهو كناية إيمائية.
قال خُبيبٌ الأنصاريُّ المقتول صَبْرًا:
فلستُ أبالي حين أُقتلُ مُسلمًا … على أيِّ شِقٍّ كان لله مَصْرعي
وذلك في ذاتِ الإلهِ وإن يشَا … يُباركْ على أوصالِ شِلْوٍ مُمزَّع
الممزَّع: المُفرَّق، والمقسَّم والشِّلْوُ: العضْوُ، وحديثُه بطولهِ مذكور في ((صحيح البخاري)) و ((سنن أبي داود)) عن أبي هريرة. ألا ترى كيف أظهَر الإخلاصَ حتى علّق البركةَ بالمشيئة.
وقال جعفر الصادق رضي الله عنه: المجاهدةُ صدقُ الافتقارِ، وهو انفصالُ العبدِ من نفسهِ واتصالُه بربه. وقال: من جاهَد بنفسِه لنفسِه وصلَ إلى كرامةِ ربه، ومن جاهد بنفسهِ لربِه وصل إلى ربه.