للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمُؤْمِنِينَ)، وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من امرئ مسلم يردّ عن عرض أخيه إلا كان حقا على الله أن يردّ عنه نار جهنم يوم القيامة» ثم تلا قوله تعالى: (كانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ).

[(الله الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (٤٨) وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ)] ٤٨ - ٤٩ [

(فَيَبْسُطُهُ) متصلًا تارةً (وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً) أى: قطعًا تارةً (فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ) في التارتين جميعًا. والمراد بالسماء: سمت السماء وشقها، كقوله تعالى: (وَفَرْعُها فِي السَّماءِ)] إبراهيم: ٢٤ [، وبإصابة العباد: إصابة بلادهم وأراضيهم (مِنْ قَبْلِهِ) من باب التكرير والتوكيد، كقوله تعالى: (فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها)] الحشر: ١٧ [. ومعنى التوكيد فيه: الدلالة على أن عهدهم بالمطر قد تطاول وبعد، فاستحكم بأسهم وتمادى إبلاسهم، فكان الاستبشار على قدر اغتمامهم بذلك.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قلتُ: لا بُدَّ من القولِ به؛ لأنَّ موقعَ قولِه: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} موقعُ التوكيدِ والتَّذييلِ والتعليل من قوله: {فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا}؛ لأنَّ المعنى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ} فكذَّبوهم واستهزؤوا بهم وقَصَدوا الفَتْكَ بهم، {فَانتَقَمْنَا} منهم ونَصَرْنا المؤمنين، وقد جَرت سُنَّةُ الله بالانتقام والنَّصر.

قوله: (ما من امرئ مسلم) الحديث بتمامه مذكورٌ في ((شرح السُّنة)) عن أبي الدَّرداء.

قوله: (وشِقّها) أي: ناحيتها. الأساس: قعد في شِقٍّ من الدّار؛ أي: ناحيةٍ منها.

قوله: (وتمادي إبلاسُهم)، الأساس: ناقةٌ مِبْلاس: لا تَرْغو من شِدّة الضَّبَعَة، وقد أبلَسَتْ، ومنه أبلَسَ فلانٌ: إذا سَكت من يأس، {وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>