للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القطر قنطوا من رحمته وضربوا أذقانهم على صدورهم مبلسين، فإذا أصابهم برحمته ورزقهم المطر؛ استبشروا وابتهجوا، فإذا أرسل ريحًا فضرب زروعهم بالصفار، ضجوا وكفروا بنعمة الله، فهم في جمع هذه الأحوال على الصفة المذمومة؛ كان عليهم أن يتوكلوا على الله وفضله، فقنطوا، وأن يشكروا نعمته ويحمدوه عليها، فلم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقال صاحب ((الكشف)): الماضي بمعنى المستقبل؛ كقوله تعالى: {لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ}، ثم قال: {لَا يَاتُونَ بِمِثْلِهِ} [الإسراء: ٨٨].

وقال مكّي: {لَّظَلُّوا} معناه: لِيَظَلُّوا، فالماضي في موضع المستقبَل، وحَسُن هذا؛ لأنَّ الكلامَ بمعنى المجازاةِ، والمجازاةُ لا تكونُ إلا بمُستقبَل. هذا مذهبُ سيبويه.

قوله: (بالصُّفار) والصُّفار بالضم: صُفْرةٌ تعلو اللَّونَ والبَشَرة، وصاحبه مَصْفورٌ.

الأساس: رجلٌ مَصْفُورٌ وبه صُفار: داءٌ يَصفر منه.

قوله: (فهم في جميع هذه الأحوال) نتيجة قوله: ((ذمَّهم الله)).

وقوله: ((كان عليهم أن يتوكَّلوا)) إلى آخِره، بيانٌ لتعكيس أُمورِهم في جميع ما به ذَمَّهم اللهُ تعالى في الآيات الثلاث:

إحداها: قولُه: {وَإِن كَانُوا مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِم مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ}، وهو المراد من قوله: ((إذا حَبسَ عنهمُ القَطْرَ قَنَطُوا من رحمته) وبيانٌ لتعكيسِهم فيه قوله: ((كان عليهم أن يتوكَّلوا على اللهِ فقَنَطُوا)).

وثانيتها: قولُه تعالى: {فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ} الآية، وبه عني بقوله: ((فإذا أصابَهم برحمتِه)) إلى آخِره، وبيانُ التَّعكيسِ فيه قولُه: ((وأن يَشكُروا نِعْمتَه فلم يَزيدوا على الفَرَح)).

وثالثتُها: قولُه تعالى: {وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا} الآية، ويُفَسِّره: ((فإذا أرسلنا عليهم ريحًا)) إلى آخِره، وبيانُ التَّعكيس قولُه: ((وأن يَصْبروا على بلائه فكَفَروا)).

<<  <  ج: ص:  >  >>