للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَعْدَ الله حَقًّا) مصدران مؤكدان، الأوّل: مؤكد لنفسه والثاني مؤكد لغيره؛ لأن قوله: (لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ) في معنى: وعدهم الله جنات النعيم، فأكد معنى الوعد بالوعد. وأما (حَقًّا) فدال على معنى الثبات: أكد به معنى الوعد، ومؤكدهما جميعا قوله: (لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ). (وَهُوَ الْعَزِيزُ) الذي لا يغلبه شيء ولا يعجزه، يقدر على الشيء وضده، فيعطى النعيم من شاء والبؤس من شاء، وهو (الْحَكِيمُ) لا يشاء إلا ما توجبه الحكمة والعدل، (تَرَوْنَها) الضمير فيه للسماوات، وهو استشهاد برؤيتهم لها غير معمودةٍ على قوله: (بِغَيْرِ عَمَدٍ) كما تقول لصاحبك: أنا بلا سيٍف ولا رمٍح تراني. فإن قلت: ما محلها من الإعراب؟ قلت: لا محل لها لأنها مستأنفة. أو هي في محل الحرّ صفة للعمد أى: بغير عمد مرئية، يعنى: أنه عمدها بعمٍد لا ترى، وهي إمساكها بقدرته (هذا) إشارة إلى ما ذكر من مخلوقاته. والخلق بمعنى المخلوق. و (الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ) آلهتهم، بكتهم بأن هذه الأشياء العظيمة مما خلقه الله وأنشأه. (فأرونى) ماذا خلقته آلهتكم حتى استوجبوا عندكم العبادة، ثم أضرب عن تبكيتهم إلى التسجيل عليهم بالتورّط في ضلال ليس بعده ضلال.

(وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ حَمِيدٌ)] ١٢ [

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (على قوله: {بِغَيْرِ عَمَدٍ}) متعلِّقٌ بقوله: ((استشهاد))، و {بِغَيْرِ عَمَدٍ} في التَّنزيل حالٌ من {السَّمَاوَاتِ}، و {تَرَوْنَهَا} جملةٌ مستأنفةٌ مُبيِّنة؛ لأنَّ السَّماوتِ خُلقت بغير عَمَدٍ.

كأنَّه لمّا قيلَ: خَلَق السَّماواتِ والأرضَ بغير عَمَدٍ، قيل: وما الدَّليلُ عليه؟ فقيل: رؤيةُ النّاس لها غيرَ مَعْمُودةٍ، وكذلك لما قلت: أنا بغير سيفٍ ولا رُمحٍ، فقيل: ما الذي يدلُّ عليه؟

أجبت: لأنَّك تراني بلا سيفٍ ولا رُمحٍ. ويجوز أن يكون من باب نَفْي الشيءِ بنَفْي لازِمِه.

<<  <  ج: ص:  >  >>