وقرئ:(وفصله)، (أَنِ اشْكُرْ) تفسيٌر لـ (وصينا)(ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) أراد بنفي العلم به نفيه، أى: لا تشرك بى ما ليس بشيء، يريد الأصنام، كقوله تعالى:(ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ)] العنكبوت: ٤٢ [. (مَعْرُوفاً) صحابًا، أو مصاحبًا معروفًا حسنًا بخلق جميل وحلم واحتمال وبر وصلة، وما يقتضيه الكرم والمروءة، (وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ) يريد: واتبع سبيل المؤمنين في دينك ولا تتبع سبيلهما فيه،
قوله:(وفَصْلُه) بسكون الصاد، قال ابن جنِّي: وهي قراءة الحسن وغيره، والفَصْل أعمُّ من الفِصَال، والفِصَالُ هاهنا أوقع؛ لأنه موضع يختص بالرَّضاع، وهو مصدر ((فاصلتُه))، فعبَّر عن هذا المعنى، وإن كان الأصل واحدًا.
قوله:(أراد بنَفْي العمل به نَفْيَه) أو هو من باب نَفْي الشيء بنَفْي لازِمِه، وذلك أنَّ العلمَ تابعٌ للمعلوم، فإذا كان الشيءُ معدومًا لم يتعلَّق به موجودًا.
الانتصاف: هو من باب
على لاحِبٍ لا يُهتدى بمَنارِهِ
أي: لا تشرك بي ما ليس بإلهٍ، فيكون لك به علم، وليس من باب ما ذكره في قوله:{مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي}[القصص: ٣٨].
قال ابن الحاجب: لا يستقيم أن يكونَ {مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} بدلاً عن {بِي}؛ لأنه يقال: أشرك زيدٌ كذا بكذا؛ أي: جعلَه شريكًا له، وهم كانوا يجعلون لله شُركاءَ، وجعلوا لله شركاءَ، فالوجهُ أنه مفعول {تُشْرِكَ}، فلو جُعل {تُشْرِكَ} بمعنى: تكْفُر، وجُعلت ((ما)) نكرةً أو بمعنى ((الذي)) بمعنى: كُفْرًا، أو الكفر، ويكون نصبًا؛ لكان وجهًا حسنًا.