ومن ثمّ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن قال له: من أبر؟ «أمّك ثم أمّك ثم أمّك» ثم قال بعد ذلك «ثم أباك». وعن بعض العرب أنه حمل أمه إلى الحج على ظهره وهو يقول في حدائه بنفسه:
أحمل أمّى وهي الحمّاله
ترضعنى الدرّة والعلالة
ولا يجازى والد فعاله
فإن قلت: ما معنى توقيت الفصال بالعامين؟ قلت: المعنى في توقيته بهذه المدة أنها الغاية التي لا تتجاوز، والأمر فيما دون العامين موكول إلى اجتهاد الأم: إن علمت أنه يقوى على الفطام فلها أن تفطمه، ويدل عليه قوله تعالى:(وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ)[البقرة: ٢٣٣] وبه استشهد
بين المفسِّر والمفسَّر اهتمامًا بشأن التَّوصية في حقها؛ ليكون إيجابًا للتوصية في حقها؛ ليكون إيجابًا للتوصية خصوصًا وتذكيرًا بحقِّها مستقلاًّ.
قوله:(لمن قال له: مَنْ أبرُّ؟ ) روينا عن الترمذيِّ، عن بَهْزِ بن حَكيم، عن أبيه، عن جَدِّه قال: قلتُ يا رسول الله، من أَبَرُّ؟ قال:((أُمَّك)). قال: قلتُ: ثمَّ مَنْ؟ قال:((أمَّكَ)) قال: قلت: ثمَّ مَن. قال: أمَّكَ. قال: قلتُ: ثمَّ مَنْ؟ قال:((ثمَّ أباكَ، ثمَّ الأقربَ فالأقربَ)). ولأبي داودَ قريبٌ منه.