فاجرةٌ (ماذا تَكْسِبُ غَداً) من خيٍر أو شر، وربما كانت عازمة على خيٍر فعملت شرًا، وعازمة على شر فعملت خيرًا (وَما تَدْرِي نَفْسٌ) أين تموت، وربما أقامت بأرض وضربت أوتادها وقالت: لا أبرحها وأقبر فيها، فترمى بها مرامي القدر حتى تموت في مكان لم يخطر ببالها، ولا حدّثتها به ظنونها. وروى أنّ ملك الموت مرّ على سليمان فجعل ينظر إلى رجل من جلسائه يديم النظر إليه، فقال الرجل: من هذا؟ قال: ملك الموت، فقال: كأنه يريدني؟ وسأل سليمان أن يحمله على الريح، ويلقيه ببلاد الهند، ففعل، ثم قال ملك الموت لسليمان: كان دوام نظري إليه تعجبًا منه، لأنى أمرت أن أقبض روحه بالهند وهو عندك. وجعل العلم لله والدراية للعبد؛ لما في الدراية من معنى الختل والحيلة. والمعنى: أنها لا تعرف وإن أعملت حيلها ما يلصق بها ويختص ولا يتخطاها، ولا شيء أخص بالإنسان من كسبه وعاقبته، فإذا لم يكن له طريق إلى معرفتهما، كان من معرفة ما عداهما أبعد. وقرئ:(بأية أرٍض). وشبه سيبويه تأنيث (أىّ) بتأنيث «كل» في قولهم: كلتهنّ.
قوله:(أو أقبرُ فيها) أي: إلى أن أُقْبَرَ فيها، ويروي:((وأقبر فيها)) بالواو.
قوله:(مَرامِي) جمع مِرْماة، وهي السِّهام.
المغرب: المِرْماة: سَهْمُ الهَدفِ.
قوله:(من معنى الخَتْلِ)، الجوهريُّ: خَتَلَهُ وخاتَلَهُ؛ أي: خادَعَه.
المَطَرِّزي: المُداراة: المُلاطفةُ والمُلايَنَةُ، وأصلُها المُخايلةُ، من: دَرَيتُ الصَّيدَ وأَدْرَيتُه: إذا خَتَلتُهُ، ومنه الدِّرايةُ، وهي العلم مع تكلُّفٍ وحِيلةٍ، ولهذا لم يُجيزوا اسم الدّاري على الله سبحانه وتعالى.