للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى دليل. وقال أبو الحسن الكرخي: إن عقد النكاح بلفظ الإجارة جائز؛ لقوله تعالى: (اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ) وقال أبو بكر الرازي: لا يصح؛ لأنّ الإجارة عقد مؤقت، وعقد النكاح مؤبد؛ فهما متنافيان. (خالِصَةً) مصدر مؤكد، كـ (وعد الله)] النساء: ١٢٢ [، و (صبغة الله)] البقرة: ١٣٨ [، أى: خلص لك إحلال ما أحللنا لك خالصة، بمعنى خلوصًا، والفاعل والفاعلة في المصادر غير عزيزين، كالخارج،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقلت: وجهُ التقريرِ: أن الله تعالى ذكر في هذه الآية طبقاتِ النساءِ المحلّلاتِ للرسول صلى الله عليه وسلم، واختصاصَهنَّ بما لم يوجَدْ في غيرِهن، وهي كونُهنَّ أمهاتِ المؤمنين ولم يذكر في شيء منها لفظًا تنعقدُ به عُلْقةُ الزوجية سِوى ما ذكر في هذه الواهبة نفسها، فإنه تعالى ما اكتفى بكونها صائرةً من أمهات المؤمنين بسبب إحلالِ الله إياها كالبواقي بل صَرَّح بلفظِ الهبة، ولو لم يكن له مَدخلٌ في الاختصاصِ لم يكن لذكرهِ فائدة، ولقائل أن يقول: فَرْقٌ بين هذه الصورةِ وبين غيرِها فإنه لو لم يذكر لفظ الهبة لم يحصُل المقصود، بخلافِ غيرها فلذلك ذكَره لا أن له مدخلاً في الاختصاص.

قولُه: (أي خَلَصَ إحلالُ ما أحلَلْنا لك خالصة)، يعني: أن {خَالِصَةً} مصدرٌ مولِّدٌ لمضامين الجمل كلها كَوْعدَ الله وصِبْغةَ الله، فلا تختصُّ بقولِه: {وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ} كما قال أبو البقاء: {خَالِصَةً} حالٌ من ضميرِ {وَهَبَتْ} أو صفةٌ لمصدرٍ محذوف، واستدلّ المصنِّف لمذهبه بأن قوله: {قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} وردَ بعد ذكرِ الإحلالاتِ التي جمعَها معنى الاختصاصِ برسول الله صلى الله عليه وسلم دون المؤمنين. وقيل: الغرضُ في شرعيتها له خاصة. ومفهومُه مؤكِّدٌ لمضمونِ المعاني كلها لا تختصُّ بواحدة دون واحدة، وهو ما قال: ((قد عَلِمْنا ما فيه مصلحةُ المؤمنينَ ففرَضْناها وعلمنا ما فيه مصلحةُ الرسول من الاختصاصِ ففَعلْنا))، فلو عَلّقَ {خَالِصَةً لَّكَ} بقِصّةِ الموهوبة لم يكنْ {قَدْ عَلِمْنَا} معترضًا بل يكون أجنبيًّا وذلك لا يَجوز.

<<  <  ج: ص:  >  >>