(أَنْ يُؤْذَنَ) في معنى الظرف، تقديره: وقت أن يؤذن لكم. و (غَيْرَ ناظِرِينَ) حال من (لا تَدْخُلُوا) وقع الاستثناء على الوقت والحال معًا، كأنه قيل: لا تدخلوا بيوت النبي صلى الله عليه وسلم إلا وقت الإذن، ولا تدخلوها إلا غير ناظرين، وهؤلاء قوم كانوا يتحينون طعام رسول الله، فيدخلون ويقعدون منتظرين لإدراكه. ومعناه: لا تدخلوا يا هؤلاء المتحينون للطعام -إلا أن يؤذن لكم إلى طعاٍم غير ناظرين إياه، وإلا فلو لم يكن لهؤلاء خصوصًا، لما جاز لأحٍد أن يدخل بيوت النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن يؤذن له إذنًا خاصًا، وهو الإذن إلى الطعام فحسب. وعن ابن أبى عبلة: أنه قرأ: (غير ناظرين) مجرورًا صفة لـ (طعام)، وليس بالوجه؛ لأنه جرى على غير ما هو له، فمن حق ضمير ما هو له أن يبرز إلى اللفظ، فيقال: غير ناظرين إناه أنتم، كقولك: هند زيد ضاربته هي
قولُه:(وقعَ الاستثناءُ على الوقتِ والحالِ معًا)، يعني: وقعَ الاستثناء على وقتِ الإذنِ المصحوبِ بقيدِ {غَيْرَ نَاظِرِينَ}، وهما قيدان للفعل، فوجبَ تقديرُ مستثنًى منه من أعمِّ هذا المستثنى. أي: لا تدخُلوا في وقتٍ من الأوقاتِ إلا في هذا الوقتِ، لكنَّ النهيَ واردٌ في قومٍ مخصوصين كانوا يضبطون وَقْتَ إدراكِ الطعام فنُهوا عن ذلك، وإليه الإشارةُ بقولِه:((وإلا فلو لم يكُنْ لهؤلاءِ خُصوصًا لَما جازَ لأحدٍ أن يدخُلَ إلاّ أن يؤذَنَ له إذنًا خاصًّا، وهو الإذنُ إلى الطعامِ فحَسْبُ))، لكنه يجوزُ الدخولُ بالإذْنِ مُطلقًا. قال أبو البَقاء:{إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ} في موضع الحال، أي: لا تدخُلوا إلا مأذونًا لكم، وهو على هذا حالٌ من فاعل {تَدْخُلُوا} أو حالٌ من المجرور في {لَكُمْ}.