وكل بي ملكين فلا أذكر عند عبد مسلٍم فيصلى علىّ إلا قال ذانك الملكان: غفر الله لك، وقال الله تعالى وملائكته جوابًا لذينك الملكين: آمين، ولا أذكر عند عبٍد مسلٍم فلا يصلى علىّ إلا قال ذانك الملكان: لا غفر الله لك، وقال الله وملائكته لذينك الملكين: آمين»؛ ومنهم من قال: تجب في كل مجلس مرة، وإن تكرر ذكره، كما قيل في آية السجدة وتشميت العاطس، وكذلك في كل دعاٍء في أوله وآخره؛ ومنهم من أوجبها في العمر مرةً، وكذا قال في إظهار الشهادتين. والذي يقتضيه الاحتياط الصلاة عليه عند كل ذكر؛ لما ورد من الأخبار. فإن قلت: فالصلاة عليه في الصلاة، أهى شرط في جوازها أم لا؟ قلت: أبو حنيفة وأصحابه لا يرونها شرطًا، وعن إبراهيم النخعي: كانوا يكتفون عن ذلك -يعنى الصحابة- بالتشهد، وهو: السلام عليك أيها النبي، وأما الشافعي -رحمه الله- فقد جعلها شرطًا. فإن قلت: فما تقول في الصلاة على غيره؟ قلت: القياس جواز الصلاة على كل مؤمن؛ لقوله تعالى:(هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ)] الأحزاب: ٤٣ [، وقوله تعالى:(وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ)] التوبة: ١٠٣ [، وقوله صلى الله عليه وسلم:«اللهم صل على آل أبى أوفى»، ولكن للعلماء تفصيلًا في ذلك؛ وهو: أنها إن كانت على سبيل التبع كقولك: صلى الله على النبي وآله؛ فلا كلام فيها،
قولُه:(وهو أنّها إن كانت على سبيلِ التبع)، قال الشيخُ مُحيي الدين في كتابِ ((الأذكار)): أجمعوا على الصلاةِ على نَبيِّنا وعلى سائرِ الأنبياءِ والملائكةِ استقلالاً، وأما غَيْرُ الأنبياءِ فالجُمهورُ لا يُصَلّى عليهم ابتداءً، واختُلِفَ فيه فقيل: هو حرام، وقيل: مَكْروهٌ كَراهةَ تنزيهٍ، لأنّه شِعارُ أهلِ البِدَع، وقالوا: إنَّ الصلاةَ صارَتْ مخصوصةً في لسانِ السلفِ بالأنبياءِ كما أنّ قولَنا عزَّ وجَلّ مخصوصٌ بالله سُبحانَه وتعالى، وكما لا يُقالُ: محمَّدٌ عزَّ وجلَّ، وإن كان عزيزًا جليلاً، لا يقالُ: أبو بكرٍ أو عَليٌّ صلى الله عليه وإن كان صحيحًا. واتفقوا على جوازِ غيرِ الأنبياءِ تَبَعًا لهم فيقال: اللهمَّ صَلِّ على محمدٍ وعلى آلهِ وأصحابِه وأزواجهِ وأتباعهِ؛ للأحاديثِ الصحيحة. وأما السلامُ فقال الشيخُ أبو محمَّدٍ الجُوَيْني: هو في معنى الصلاةِ،