وأما إذا أفرد غيره من أهل البيت بالصلاة كما يفرد هو: فمكروه؛ لأن ذلك صار شعارًا لذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأنه يؤدى إلى الاتهام بالرفض، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقفن مواقف التهم".
(يُؤْذُونَ الله وَرَسُولَهُ) فيه وجهان؛ أحدهما: أن يعبر بإيذائهما عن فعل ما يكرهانه ولا يرضيانه من الكفر والمعاصي، وإنكار النبوّة، ومخالفة الشريعة، وما كانوا يصيبون به رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنواع المكروه، على سبيل المجاز. وإنما جعلته مجازًا فيهما جميعًا، وحقيقة الإيذاء صحيحة في رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لئلا أجعل العبارة الواحدة معطية معنى المجاز والحقيقة
فلا يُسْتَعملُ في الغائبِ فلا يُفْرَدُ به غيرُ الأنبياء فلا يُقال: عليٌّ عليه السلام، وسواءٌ هذا في الأحياءِ والأموات، وأما الحاضرُ فيُخاطَبُ به، ويُسْتحَبُّ الترضِّي والترحُّمُ على الصحابةِ والتابعينَ فمَنْ بعْدَهُم من العلماءِ والعُبَّادِ وسائرِ الأخيارِ. وأما ما قالَه بعضُ العلماءِ: إن قوِلَه: رضيَ الله عنه، مخصوصٌ بالصحابة، ويُقالُ في غيرِهم: رحِمَه الله، فليسَ كما قال، بل الصحيحُ الذي عليه الجمهورُ استحبابهُ ودلائلُه أكثَرُ من أن تُحْصى.
قولُه:(على سبيلِ المجاز)، متعلِّقٌ بقَوْلِه:((أن يُعَبَّر)) يعني: أطلقَ {يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} وأريدَ به فْعْلُ ما لا يَرْضيانه من الكفرِ والمعاصي وغيرِهما، كأنه قيل: إنّ الذين يَفْعلونَ ما لا يُرْضي الله ورسولَه، فأطْلقَ السَّببُ وأريدَ المسبَّب، وإنّما ارتكبَ طريقَ المجازِ، وإن صَحَّ إطلاقُ الإيذاءِ في حَقِّ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم حقيقةً؛ لئلاّ يَجْعلَ العبارةَ الواحدةَ مُعطيةً معنى المجازِ والحقيقةِ معًا، هذا الطريقُ هو الذي يُسمِّيه الأصوليون عُمومَ المجاز.