والثاني: أن يراد: يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقيل في أذى الله: هو قول اليهود والنصارى والمشركين: (يد الله مغلولة)] المائدة: ٦٤ [، و:(ثالث ثلاثة)] المائدة: ٧٣ [، و:(المسيح ابن الله)] التوبة: ٣٠ [، و: الملائكة بنات الله، و: الأصنام شركاؤه. وقيل: قول الذين يلحدون في أسمائه وصفاته. وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما حكى عن ربه:«شتمني ابن آدم، ولم ينبغ له أن يشتمني، وآذاني ولم ينبغ له أن يؤذيني؛ فأما شتمه إياى فقوله: إنى اتخذت ولدًا. وأما أذاه فقوله: إن الله لا يعيدني بعد أن بدأنى». وعن عكرمة: فعل أصحاب التصاوير الذين يرومون تكوين خلٍق مثل خلق الله. وقيل في أذى رسول الله صلى الله عليه وسلم: قولهم: ساحر، شاعر، كاهن، مجنون. وقيل: كسر رباعيته وشج وجهه يوم أحد. وقيل: طعنهم عليه في نكاح صفية بنت حيي وأطلق إيذاء الله
قولُه:(والثاني: أن يُرادَ: يُؤذونَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم)، فيكونُ ذِكْرُ الله تمهيدًا لذكْرِه، وأنّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عندَ الله بمكانةٍ حتى إنّ إيذاءَه إيذاؤه.
قولُه:(شتَمني ابنُ آدمَ ولم يَنْبغِ له أن يَشْتُمَني)، الحديث من روايةِ البُخاريِّ والنَّسائي عن أبي هريرة، قد أوردناهُ، وفيما أورَده اختلافٌ في الألفاظ.
قولُه:(وقيل: [طعنُهم عليه] في نكاحِ صَفِيّةَ بنت حُيَيّ)، روى في ((الاستيعاب)) عن أبي عُبَيدةَ: كانت صَفِيّةُ عند سَلاّمِ بن مِشْكَم وكان شاعرًا، ثم خَلفَ عليها كِنانَةُ وهو شاعرٌ، فقُتِلَ يوْمَ خَيْبَر، وتزوَّجَها النبيُّ صلى الله عليه وسلم سنَةَ سَبْعٍ من الهجرة. ورُويَ عن أنسٍ أنه قال فيه: إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لما جَمعَ سَبْيَ خَيْبَر جاءَه دِحْيَة فقال: أعْطِني جاريةً من السَّبْي، فقال:((اذهَبْ فخُذْ جاريةً))، فأخذَ صَفِيّةَ فقيل: يا رسولَ الله، إنَّها سيِّدةُ بَني قُريظةَ والنَّضير، ما تصْلُحُ إلاّ لَك، فقال النبيَّ صلى الله عليه وسلم:((خُذْ جاريةً غَيْرها))، قال ابن شِهاب: كانَتْ مِمّا أفاءَ الله عليهِ فحَجَبها، وأوْلَم عليها بتَمْرٍ وسَويقٍ وقَسَم لها، وكانَتْ إحدى أمَّهاتِ المؤمنين.