ضارّ ولا نافع يومئذ إلا هو وحده، ثم ذكر معاقبته الظالمين بقوله:(وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا) معطوفًا على (لا يَمْلِكُ).
[(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالُوا ما هذا إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُكُمْ وَقالُوا ما هذا إِلاَّ إِفْكٌ مُفْتَرىً وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ)] ٤٣ [
الإشارة الأولى: إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. والثانية: إلى القرآن. والثالثة: إلى الحق. والحق أمر النبوّة كله ودين الإسلام كما هو. وفي قوله:(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا)، وفي أن لم يقل: وقالوا، وفي قوله:(لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ)، وما في اللامين، من الإشارة إلى القائلين والمقول فيه، وفي "لما" من المبادهة بالكفر -دليل على صدور الكلام عن إنكار عظيم، وغضب شديد، وتعجيب من أمرهم بليغ، كأنه قال: وقال أولئك الكفرة المتمرّدون بجراءتهم على الله ومكابرتهم لمثل ذلك الحق النير قبل أن يذوقوه: (إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) فبتوا القضاء على أنه سحر، ثم بتوه على أنه بين ظاهر، كل عاقل تأمّله سمَّاه سحرا.
قوله:(وما في اللامين من الإشارة)، عطف تفسيري نحو: أعجبني زيدٌ وكرمُه، على قوله:((وفي قوله: وقال الذين كفروا)) إلى آخره، يعني: أن اللامين في ((الذين كفروا)) وفي ((الحقِّ)) للعهد ومدخولهما أقيما مقام المضمرين، أما أوّلاً فإن قوله:{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ} يوجب الإضمار وأن يقال: قالوا، وأمّا ثانيًا: فإن قوله: {مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ} وقوله: {مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ} يقتضيان أن يقال: لهما، وقد تقرر أن سلوك هذه الطريقة لا يكون إلا للإيذان بأن الأمرَ عظيم والخطبَ جَليل، وإليه الإشارة بقوله:((أولئك الكفرةُ المتمرِّدون بجُرأتهم على الله ومكابرتِهم لمثلِ هذا الحق النيِّر قالوا: إنْ هذا إلا سِحرٌ مُبين))، أما قوله:((قبل أن يذوقوه)) فإشارة إلى دلالة لما جاءهم على المبادهة وقوله: ((فبَتّوا القضاء)) إشارة إلى معنى ما يعطيه ((أن)) و ((إلا)) من معنى الحصر، وقوله:((ثم بتوه على أنه بين ظاهر)) إشارة إلى معنى {هَذَا} ولفظة {مُّبِينٌ}.