(أَرُونِي) بدل من (أرأيتم)؛ لأنّ معنى (أرأيتم): أخبرونى، كأنه قال: أخبرونى عن هؤلاء الشركاء وعما استحقوا به الإلهية والشركة، أرونى أى جزء من أجزاء الأرض استبدوا بخلقه دون الله، أم لهم مع الله شركة في خلق السماوات؟ أم معهم كتاب من عند الله ينطق بأنهم شركاؤه فهم على حجة وبرهان من ذلك الكتاب؟ أو يكون الضمير في (آتَيْناهُمْ) للمشركين، كقوله:(أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً)] الروم: ٣٥ [. (أم آتيناهم كتابا) من قبله. (بل إن يعد) بعضهم؛ وهم الرؤساء (بَعْضاً)؛ وهم الأتباع (إِلَّا غُرُوراً)؛ وهو قولهم:(هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ الله)] يونس: ١٨ [. وقرئ:(بينات).
قولُه:(أيَّ جزءٍ من أجزاءِ الأرضِ استبدُّوا بخَلْقِه دون الله)، إنما فَسَّر {مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ} بهذا، وجعل ((ما)) استفهامية ليتنزّل إلى قولِه: {أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ} ثم إلى قوله: {أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا}، لأنّ ((أم)) مُنقطعةٌ متضمِّنةٌ للهمزة، و ((بل)) تقتضي التدرُّج، كأنه قيل: أخبروني الذين تَدْعونَ من دون الله هل استبدّوا بخلقِ شيءٍ حتى يكونوا مَعْبودينَ مثْلَ الله، ثم نزلَ منه إلى: ألَهُمْ شَرِكةٌ في الخَلْق؟ ثم نزلَ منه إلى: أم معَهم بَيِّنةٌ وحُجّةٌ مكتوبةٌ بالشرِكة؟ وإذا جُعلَ الضميرُ في {آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا} للمشركين لا للأصنام، فيكونُ التدرجُ من دليلِ العقل إلى دليل النقل.
قولُه:(وقُرِئَ: ((بَيَّناتٍ)))، نافعٌ وابنُ عامرٍ وأبو بكرٍ والكِسائيّ: بالجمع، والباقون: بغيرِ ألفٍ على التوحيد.