(أَنْ تَزُولا): كراهة أن تزولا، أو: يمنعهما من أن تزولا؛ لأن الإمساك منع. (إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً) غير معاجل بالعقوبة، حيث يمسكهما، وكانتا جديرتين بأن يهدّا هدّا؛ لعظم كلمة الشرك، كما قال:(تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ)] مريم: ٩٠ [. وقرئ:(ولو زالتا). وإن أمسكهما: جواب القسم في (وَلَئِنْ زالَتا) سدّ مسدّ الجوابين، و (من) الأولى مزيدة لتأكيد النفي، والثانية: للابتداء. و (من بعده): من بعد إمساكه. وعن ابن عباس رضى الله عنه: أنه قال لرجٍل مقبٍل من الشام: من لقيت به؟ قال: كعبًا. قال: وما سمعته يقول؟ قال: سمعته يقول: إنّ السماوات على منكب ملك. قال: كذب كعب! أما ترك يهوديته بعد؟ ! ثم قرأ هذه الآية.
قولُه:(غَيْرَ مُعاجلٍ بالعُقوبةِ حيثُ يُمْسِكُهما)، قالَ الزجاج: سأل بعضُهم: لم كانَ في هذا الموضع ذِكْرُ الحلم والمغفرة والمقام يدل على القدرة؟ والجوابُ: أنه تعالى لما أمسكَ السماواتِ والأرضَ عند قولهم: {اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا}[مريم: ٨٨]، حَلُمَ فلم يُعَجِّل لهم بالعقوبة، وكان مِن حَقِّ السماوات والأرضِ أن تَزولا مِن عَظيمِ فِرْيَتِهم.