(بِما كَسَبُوا): بما اقترفوا من معاصيهم. (عَلى ظَهْرِها): على ظهر الأرض (مِنْ دَابَّةٍ): من نسمة تدب عليها، يريد بنى آدم. وقيل: ما ترك بنى آدم وغيرهم من سائر الدواب بشؤم ذنوبهم. وعن ابن مسعود رضي الله عنه: كاد الجعل يعذب في جحره بذنب ابن آدم، ثم تلا هذه الآية. وعن أنس:
إن الضب ليموت هزلًا في جحره بذنب ابن آدم. وقيل: يحبس المطر فيهلك كل شيء. (إِلى أَجَلٍ
قولُه: ({عَلَى ظَهْرِهَا} على ظهر الأرض)، قد جرى ذكْرُ الأرض فيما قبل هذه الآية، يَليها قولُه:{لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ} فلذلك جاءَ {عَلَى ظَهْرِهَا}. قالَ مَكِّي في قولِه:{فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ}: العاملُ في ((إذا)) هو {جَاءَ} لأن ((إذا)) فيها معنى الجزاء، والأسماءُ التي يُجازي بها يعملُ فيها ما بعْدَها، تقول: مَنْ أُكْرِمْ يُكْرِمْني، فأُكْرِم هو العاملُ في ((مَنْ)) بلا خلاف فأشبهَتْ إذن حروفَ الشرطِ لما فيها من معناه فعمِلَ فيها ما بعدها، وكان حقُّها أن لا يعملَ فيها، لأنها مُضافةٌ إلى ما بعْدَها من الجملِ والمضافُ إليه لا يعملُ في المضافِ لأنه مِن تَمامِه وفيه خلاف. والحقُّ أن الموضعَ الذي يُجازي بها يمكنُ أن يعمَلَ فيها الفعلُ الذي يليها، والموضعُ الذي لا يُجازي بها لا يحسُنُ أن يعمَل بها.
قولُه:(إنّ الضّبَّ ليموتُ هَزْلاً في جُحْرِه بذَنْب ابنِ آدم)، النهاية: أي: يحتبسُ عنه المطرُ بشُؤم ذنوبهم، وإنما خَصَّ الضبّ، لأنه أطولُ الحيوانِ نَفْسًا، وأصبَرُها على الجوع.
ورُوِيَ:((الحُبارى)) بدَلَ ((الضبِّ)) لأنها أبعَدُ الطير نُجْعةً.