وترك الظاهر الذي يدعو المعنى إلى نفسه إلى الباطن الذي يجفو عنه ترك للحق الأبلج إلى الباطل اللجلج. فإن قلت: فقد قرأ ابن عباس رضي الله عنهما: (في أيديهم)، وابن مسعود:(في أيمانهم)، فهل تجوز على هاتين القراءتين أن يجعل الضمير للأيدي أو للأيمان؟ قلت: يأبى ذلك وإن ذهب الإضمار المتعسف ظهور كون الضمير للأغلال، وسداد المعنى عليه كلما ذكرت. وقرئ:{سَدًّا} بالفتح والضم، وقيل: ما كان من عمل الناس فبالفتح، وما كان من خلق الله فبالضم. {فَأَغْشَيْنَاهُمْ}: فأغشينا
قوله:(ظهور كون الضمير للأغلال) فاعل "يأبى"، و"سداد المعنى" عطف على "ظهور".
قال الزجاج: من قرأ "في أيمانهم" أو "في أيديهم" المعنى واحد، وذلك أن الغل لا يكون في العنق دون اليد ولا في اليد دون العنق، فالمعنى: إنا جعلنا في أعناقهم وفي أيمانهم أغلالًا، {فَهِيَ إلَى الأَذْقَانِ} كناية عن الأيدي لا عن الأذقان لأن الغل يجعل اليد إلى الذقن، والعنق هو مقارب للذقن لا يجعل الغل العنق إلى الذقن.
الراغب: أصل السد مصدر: سددته. وشبه به الموانع، والسدة كالظلة على الباب، وقد يعبر به عن الباب كما قيل: الفقير الذي لا يفتح له سدد السلطان، والسَّداد والسِّدَد: الاستقامة، والسِّداد: ما يسد به الثلمة والثغر، واستعير لما يسد به الفقر.