والقرية: أنطاكية. و {الْمُرْسَلُونَ}: رسل عيسى صلوات الله عليه إلى أهلها، بعثهم دعاة إلى الحق، وكانوا عبدة أوثان، أرسل إليهم اثنين، فلما قربا من المدينة رأيا شيخًا يرعى غنيمات له، وهو حبيب النجار صاحب ياسين، فسألهما فأخبراه، فقال: أمعكما آية؟ فقالا: نشفي المريض ونبرئ الأكمه والأبرص، وكان له ولد مريض سنتين، فمسحاه، فقام، فآمن حبيب، وفشا الخبر، فشفي على أيديهما خلق كثير، ورقي حديثهما إلى الملك، وقال لهما: ألنا إله سوى آلهتنا؟ قالا: نعم، من أوجدك وآلهتك، فقال: حتى أنظر في أمركما، فتبعهما الناس وضربوهما. وقيل: حبسا. ثم بعث عيسى عليه السلام شمعون؛ فدخل متنكرًا، وعاشر حاشية الملك حتى استأنسوا به، ورفعوا خبره إلى الملك، فأنس به، فقال له ذات يوم: بلغني أنك حبست رجلين، فهل سمعت ما يقولانه؟ فقال: لا، حال الغضب بيني وبين ذلك، فدعاهما، فقال شمعون: من أرسلكما؟ قالا: الله الذي خلق كل شيء وليس له شريك، فقال: صفاه وأوجزا. قالا: يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد. قال: وما آيتكما؟ قالا: ما يتمنى الملك، فدعا بغلام مطموس العينين، فدعوا الله حتى انشق له بصر، وأخذا بندقتين فوضعاهما في حدقتيه فكانتا مقلتين ينظر بهما، فقال له شمعون: أرأيت لو سألت إلهك حتى يصنع مثل هذا فيكون لك وله الشرف. قال: ليس لي عنك سرًا، إن إلهنا لا يبصر ولا يسمع ولا
وقد ذكرنا تعليله في قوله تعالى {وَضَرَبَ اللهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً}[النحل: ١١٢] وهو اختيار المصنف هناك.
قوله:(صاحي ياسين) روى صاحب "الجامع" عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال حين قتل ثقيف عروة بن مسعود: "مثل عروة مثل صاحب يس، دعا قومه إلى الله تعالى فقتلوه"، ولعل معنى النسبة مجيء ذكره في هذه السورة، وقريب منه تسمية السورة بالبقرة ونحوها لذكرها فيها.