للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يضر ولا ينفع، وكان شمعون يدخل معهم على الصنم فيصلي ويتضرع ويحسبون أنه منهم، ثم قال: إن قدر إلهكما على إحياء ميت آمنا به، فدعوا بغلام مات من سبعة أيام، فقام وقال: إني أدخلت في سبعة أودية من النار، وأنا أحذركم ما أنتم فيه فآمنوا، وقال: فتحت أبواب السماء فرأيت شابًا حسن الوجه يشفع لهؤلاء الثلاثة، قال الملك: ومن هم؟ قال: شمعون وهذان، فتعجب الملك. فلما رأى شمعون أن قوله قد أثر فيه نصحه، فآمن، وآمن قوم، ومن لم يؤمن صاح عليهم جبريل عليه السلام فهلكوا. {فَعَزَّزْنَا}: فقوينا. يقال: المطر يعزز الأرض: إذا لبدها وشدها، وتعزز لحم الناقة. وقرئ بالتخفيف من عزه يعزه: إذا غلبه، أي: فغلبنا وقهرنا، {بِثَالِثٍ} وهو شمعون. فإن قلت: لم ترك ذكر المفعول به؟ قلت: لأن الغرض ذكر المعزز به وهو شمعون، وما لطف فيه من التدبير حتى عز الحق وذل الباطل، وإذا كان الكلام منصبًا إلى غرض من الأغراض جعل سياقه له وتوجهه إليه، كأن ما سواه مرفوض مطرح، ونظيره قولك: حكم السلطان اليوم بالحق، الغرض المسوق إليه: قولك: بالحق؛

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: ({فَعَزَّزْنَا}: فقوينا)، الراغب: العزة: حالة مانعة للإنسان من أن يغلب، من قولهم: أرض عزاز. أي: صلبة، وتعزز اللحم: اشتد وعز، كأنه حصل في عزاز يصعب الوصول إليه، كقولهم: تظلف، أي: حصل في ظلف من الأرض، والعزيز: الذي يقهر ولا يقهر، وعز المطر الأرض: غلبها، وعز الشيء: قل، اعتبارًا بما قيل: كل موجود مملول، وكل مفقود مطلوب.

قوله: (وقرئ بالتخفيف) أبو بكر: بتخفيف الزاي، والباقون: بتشديدها، وهما لغتان كشده وشدده، أي: قويناهما.

قوله: (لم ترك [ذكر] المفعول به) أي: لم يقل: فعززناهما بثالث.

<<  <  ج: ص:  >  >>