بهمزة الاستفهام و"أن" الناصبة، بمعنى: أتطيرتم لأن ذكرتم؟ وقرئ:(أن)، و:(إن) بغير استفهام بمعنى الإخبار، أي: تطيرتم لأن ذكرتم، أو: إن ذكرتم تطيرتم. وقرئ:(أين ذكرتم) على التخفيف، أي: شؤمكم معكم حيث جرى ذكركم، وإذا شئم المكان بذكرهم كان بحلولهم فيه أشأم. {بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ} في العصيان،
قوله: (وقرئ: "أأن") إلى آخرها شواذ، قال ابن جني: قرأ الماجشون: "أن ذكرتم" بهمزة واحدة مفتوحة مقصورة ولا ياء بعدها، والأعمش وأبو جعفر:"أين" بهمزة بعدها ياء ساكنة والنون مفتوحة. "ذكرتم" مضمومة الذال خفيفة الكاف. أما "أن ذكرتم" فمنصوبة الموضع بقوله: {طَائِرُكُم مَّعَكُمْ}، فإنهم لما قالوا:{إنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ} أجيبوا: بل طائركم معكم أن ذكرتم، أي: هو معكم لأن ما ذكرتم، فلم تذكروا ولم تنتهوا، فاكتفى بالسبب الذي هو التذكير من المسبب الذي هو الانتهاء، كما وضعوا الطائر موضع مسببه وهو التشاؤم لما كانوا يألفونه من تكارههم نعيق الغراب أو بروحه. وأما "أين ذكرتم" أي: حللتم وكنتم ووجدتم فذكرتم، فاكتفى بالمسبب الذي هو الذكر من السبب الذي هو الوجود، و"أأين" هاهنا شرط وجوابها محذوف لدلالة {طَائِرُكُم مَّعَكُمْ} عليه، أي: أين وجدتم وجد شؤمكم معكم. ولا يجوز الوقف على هاتين القراءتين على {مَّعَكُمْ}، لاتصال "أن""وأين" بها، لكن جاز على الاستفهام لأن الاستفهام يقطع ما قبله عما بعده.
قوله:(وإذا شئم المكان بذكرهم). أي: هو من باب الكناية، وذلك أن أجري ذكرهم في مكان دليل على أن المكان حامل على ذكرهم لأمارة أو أثر شؤم منهم فيه، ويقرب منه قوله تعالى:{فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ}[النحل: ٣٦].
قوله:({بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ} في العصيان) هذا مبني على أن الإضراب من قوله: