مِن دُونِهِ آلِهَةً إن يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا ولا يُنقِذُونِ * إنِّي إذًا لَّفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ * إنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ} ٢٠ - ٢٥]
{رَجُلٌ يَسْعَى}: هو حبيب بن إسرائيل النجار، وكان ينحت الأصنام، وهو ممن آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم، وبينهما ست مئة سنة كما آمن به تبع الأكبر وورقة بن نوفل وغيرهما، ولم يؤمن بنبي أحد إلا بعد ظهوره. وقيل: كان في غار يعبد الله، فلما بلغه خبر الرسل أتاهم وأظهر دينه وقاول الكفرة، فقالوا: أو أنت تخالف ديننا؟ فوثبوا عليه فقتلوه. وقيل: توطؤوه بأرجلهم حتى خرج قصبه من دبره. وقيل: رجموه وهو يقول: اللهم اهد قومي؛ وقبره في سوق أنطاكية، فلما قتل غضب الله عليهم فأهلكوا بصيحة جبريل عليه السلام. وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم:"سباق الأمم ثلاثة، لم يكفروا بالله طرفة عين: على بن أبي طالب، وصاحب ياسين، ومؤمن آل فرعون". {مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وهُم مُّهْتَدُونَ} كلمة جامعة في الترغيب فيهم، أي: لا تخسرون معهم
قوله:(خرج قصبه) القصب: الأمعاء وبه سمي القصاب، لأنه يزاول الأمعاء.
قوله:(اللهم اهد قومي) روى البخاري ومسلم عن ابن مسعود قال: كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نبيًا من الأنبياء ضربه قومه فأدموه، وهو يمسح الدم عن وجهه، وهو يقول:"اللهم اغفر لقومي، فإنهم لا يعلمون".
قوله:(كلمة جامعة في الترغيب فيهم) وذلك أن القائل أومأ بقوله: {اتَّبِعُوا المُرْسَلِينَ} إلى أن المرسلين واجبو الاتباع، وأن من أرسله الله تعالى ليرشد الخلق ويخرجهم من الظلمات إلى النور كان صلاحهم في الدارين متابعته، وتعقيبه ذلك بقوله:{اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا} تتميم؛ معناه: وأن من سعى في أمر لابد أن يطمع ويتوقع أجره، وهؤلاء السادة بخلاف ذلك، وبقوله {وهُم مُّهْتَدُونَ} إشارة إلى أن غرضهم في ذلك ليس إلا محض النصح لا متابعة أمر الشهوة والرياء، وأن يكونوا موطئي العقب،