في الجملة، كما نفذ في قولك: ألم يروا إن زيدًا لمنطلق، وإن لم يعمل في لفظه. و {أَنَّهُمْ إلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ} بدل من {كَمْ أَهْلَكْنَا} على المعنى، لا على اللفظ، تقديره: ألم يروا كثرة إهلاكنا القرون من قبلهم كونهم غير راجعين إليهم. وعن الحسن: كسر: "إن" على الاستئناف. وفي قراءة ابن مسعود:(ألم يروا من أهلكنا)، والبدل على هذه القراءة بدل اشتمال، وهذا مما يرد قول أهل الرجعة. ويحكى عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه قيل له: إن قومًا يزعمون أن عليا مبعوث قبل يوم القيامة، فقال: بئس القوم نحن إذن؛ نكحنا نساءه وقسمنا ميراثه. قرئ:(لما) بالتخفيف، على أن "ما" صلة للتأكيد،
قوله:(و {أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ} بدل من {كَمْ أَهْلَكْنَا} على المعنى لا على اللفظ)، قال صاحب "الكشف": {أَنَّهُمْ إلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ} بدل من موضع {كَمْ أَهْلَكْنَا}، وليس بدلًا من "كم" وحده، لأن العامل في "كم" هو {أَهْلَكْنَا} ولا يعمل {أَهْلَكْنَا} في "أن"، إذ ليس المعنى: أهلكنا أنهم لا يرجعون، والتقدير: ألم يروا أنهم إليهم لا يرجعون، تقديره: ألم يروا كثرة إهلاكنا، أي: ألم يعتبر كفار مكة بكثرة من أهلكنا من قبلهم واستئصالنا وتدميرنا إياهم حتى لم يبق منهم أثر فيقلعوا عما هم فيه!
قوله:(والبدل على هذه القراءة بدل اشتمال) لأن "من أهلكنا" ذات، وعلى ألأول: كان بدل الكل، فإنهم كونهم غير راجعين عبارة عن إهلاكهم، لأنه لازم له وهو المراد من قوله:"بدل على المعنى لا على اللفظ".
قوله:(مما يرد قول أهل الرجعة) أي: التناسخية، يقال: فلان يؤمن بالرجعة، أي: بالرجوع إلى الدنيا بعد الموت.
قوله: (وقرئ: "لما" بالتخفيف) عاصم وابن عامر وحمزة: بتشديد الميم، والباقون: بتخفيفها، وسبق تفسيره في سورة "هود".