{أَلَمْ يَرَوْا}: ألم يعلموا، وهو معلق عن العمل في {كًمْ}؛ لأن "كم" لا يعمل فيها عامل قبلها، كانت للاستفهام أو للخبر، لأن أصلها الاستفهام، إلا أن معناه نافذ
ويا جلوس عمرو، وكأن العباد إذا شاهدوا ذلك تحسروا. وثانيهما: أن العباد مفعولون في المعنى، وشاهده القراءة الظاهرة، أي: يتحسر عليهم من يعنيه أمرهم، ويهمه ما يهمهم.
ويقوي الوجه الأول قول صاحب المطلع:{مَا يَاتِيهِم مِّن رَّسُولٍ} كالبيان لسبب حسرتهم، كأنه قيل: ما سبب تحسرهم؟ فقيل: استهزاؤهم بالرسل. والقراءة بالإضافة تدل على هذا المعنى. قال صاحب "الكشف": {يَا حَسْرَةً عَلَى العِبَادِ} نداء مطول مشابه للمضاف لتعلق الجار بالمصدر، فهو كقولهم: با خيرًا من زيد. وفي "المنتقي": وقفوا بالهاء الساكنة على {حَسْرَةً} وقفًا طويلًا تعظيمًا للأمر ثم قال: {عَلَى العِبَادِ}. وفي "اللوامح": وقفوا على الهاء مبالغة في التحسر لما في الهاء من التأهه كالتأوه، ثم وصلوه على تلك الحال.
قوله: (لأن "كم" لا يعمل فيها عامل قبلها)، قال الزجاج: موضع "كم" نصب بـ {أَهْلَكْنَا}، لأن "كم" لا يعمل فيها ما قبلها خبرًا كانت أو استخبارًا، تقول في الخبر: كم فرسخ سرت؟ تريد: سرت فراسخ كثيرة. ولا يجوز: سرت كم فرسخ، وذلك أن "كم" في بابها بمنزلة "رب" وإن كان أصلها الاستفهام والإبهام، فكما أنه لا يجوز في الاستفهام: سرت كم فرسخًا، كذا في الخبر، لأن الإبهام قائم.