للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المتحسرون، ويتلهف على حالهم المتلهفون. أو: هم متحسر عليهم من جهة الملائكة والمؤمنين من الثقلين. ويجوز أن يكون من الله عز وعلا على سبيل الاستعارة في معنى تعظيم ما جنوه على أنفسهم ومحنوها به، وفرط إنكاره له وتعجيبه منه، وقراءة من قرأ: (يا حسرتا) تعضد هذا الوجه، لأن المعنى: يا حسرتي. وقرئ: (يا حسرة العباد)،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (على سبيل الاستعارة) إلى قوله: (وتعجيبه منه)، قال في قوله تعالى "بل عجبت ويسخرون" [الصافات: ١٢] بضم التاء: معنى التعجب من الله تعالى: إما مجرد الاستعظام، أو يتخيل العجب ويفرض. وسيجيء بيانه إن شاء الله تعالى في "الصافات".

قوله: (وقرئ: "يا حسرة العباد") قال ابن جني: هي قراءة ابن عباس والضحاك وأبي بن كعب. وقرأ الأعرج ومسلم بن جندب: "يا حسره" ساكنة الهاء، ففيه نظر، لأن قوله: {عَلَى الْعِبَادِ} متعلق بها، أو صفة لها، فلا يحسن الوقف عليها دونه إلا أن يقال: إن العرب إذا أخبرت عن الشيء غير معتد به، ولا معتزمة عليه، أسرعت فيه، ولم تتأن على اللفظ المعبر عنه، قال:

قلنا لها: قفي لنا، قالت: قاف

أي: وقفت. فاقتصرت من جملة الكلمة على حرف منها تهاونًا بالحال، وتثاقلا عن الإجابة، أو {عَلَى العِبَادِ} غير متعلقة بـ {يَا حَسْرَةً} بل بمضمر يدل عليه {حَسْرَةً}، كأنه قيل: أتحسر على العباد.

وأما الإضافة فعلى وجهين: أحدهما: أن العباد فاعلون في المعنى كقولك: يا قيام زيد،

<<  <  ج: ص:  >  >>