للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

للشمس - أي: لا يتسهل لها، ولا يصح، ولا يستقيم؛ لوقوع التدبير على المعاقبة، وإن جعل لكل واحد من النيرين سلطان على حياله - {أَن تُدْرِكَ القَمَرَ} فتجتمع معه في وقت واحد، وتداخله في سلطانه فتطمس نوره، ولا يسبق الليل النهار، يعني: آية الليل آية النهار، وهما النيران، ولا يزال الأمر على هذا الترتيب إلى أن يبطل الله ما دبر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولا القمر أن يتصرف في النهار. ويرد على هذا التأويل إشكال وهو أن يقال: إن كان المراد من ذلك عدم تسهل تصرف كل واحد في سلطان الآخر، فلم خولف بين العبارتين بالسبق والإدراك؟ وهو المراد من قوله: لم جعلت الشمس غير مدركة والقمر غير سابق؟

وخلاصة الجواب: أنه روعي المناسبة بين العبارتين لا غير، لأن إثبات صفة الإدراك وسلبها مناسب للشمس، كما أن إثبات صفة السبق ونفيها مناسب للقمر لسرعة سير القمر وبطء سير الشمس.

ويؤيد هذا التأويل ما روى محيي السنة عن بعضهم: لا يدخل أحدهما في سلطان الآخر؛ لا تطلع الشمس بالليل، ولا يطلع القمر بالنهار وله ضوء، فإذا اجتمعا، وأدرك كل واحد منهما صاحبه، فلقد قامت القيامة. وقيل: {لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ القَمَرَ} أي: لا يجتمع معه في فلك واحد تم كلامه.

فإن قلت: لم عدل عن الظاهر، وأن يقال: ولا القمر سابق الشمس كما صرح به المصنف، ولا يسبق الليل النهار، أي: أية الليل آية النهار؟

قلت: ليؤذن بالتعاقب بين الليل والنهار، ومنصوصية التدبير على المعاقبة، فإنه مستفاد من الحركة اليومية التي مدار تصرف كل واحد منهما عليها، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>