للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مفعول. ولقد استشهد بهذه الآية من يثبت الحياة في العظام، ويقول: إن عظام الميتة نجسة؛ لأن الموت يؤثر فيها من قبل أن الحياة تحلها. وأما أصحاب أبي حنيفة فهي عندهم ظاهرة، وكذلك الشعر والعصب، ويزعمون أن الحياة لا تحلها؛ فلا يؤثر فيها الموت، ويقولون: المراد بإحياء العظام في الآية ردها إلى ما كانت عليه غضة رطبة في بدن حي حساس. {وهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} يعلم كيف يخلق، لا يتعاظمه شيء من خلق المنشآت والمعادات من أجناسها وأنواعها وجلائلها ودقائقها. ثم ذكر من بدائع خلقه انقداح النار من الشجر الأخضر، مع مضادة النار الماء وانطفائها به وهي الزناد التي توري بها الأعراب وأكثرها من المرخ والعفار، وفي أمثالهم: في كل شجر نار، واستمجد المرخ والعفار، ويقطع الرجل منهما غصنين من مثل السواكين وهما

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

"المطلع": الرميم اسم غير صفة كالرمة والرفات لا فعيل بمعنى فاعل أو مفعول، ولأجل أنه اسم لا صفة لا يقال: لم لم يؤنث وقد وقع خبر لمؤنث؟ قال القاضي: والرميم: ما بلي من العظام، ولعله فعيل بمعنى فاعل؛ من: رم الشيء، فصار اسمًا بالغلبة، ولذلك لم يؤنث، أو بمعنى مفعول؛ من: رممته، وفيه دليل على أن العظم ذو حياة فيؤثر فيه الموت كسائر الأعضاء.

وقال محيي السنة: لم يقل رميمة لأنه معدول عن فاعلة، وكل ما كان معدولًا عن وجهه ووزنه كان مصروفًا عن أخواته لقوله: {وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا} [مريم: ٢٨] أسقط الهاء؛ لأنها كانت مصروفة عن: باغية.

قوله: (في كل شجر نار، واستمجد المرخ والعفار)، استمجد: يستعمل في تفضيل الفاضل على الفضلاء، قال الميداني: يقال مجدت الإبل تمجد مجودًا إذا نالت من الخلى قريبًا من الشبع، واستمجد المرخ والعفار، أي: استكثر وأخذا من النار ما هو حسبهما؛ شُبِّها

<<  <  ج: ص:  >  >>