للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ}: فإذا هو بعدما كان ماء مهينا رجل مميز منطيق قادر على الخصام، {مُّبِينٌ}: معرب عما في نفسه فصيح، كما قال تعالى: {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [الزخرف: ١٨]. فإن قلت: لم سمى قوله: {مَن يُحْيِي العِظَامَ وهِيَ رَمِيمٌ} مثلًا؟ قلت: لما دل عليه من قصة عجيبة شبيهة بالمثل؛ وهي إنكار قدرة الله تعالى على إحياء الموتى. أو لما فيه من التشبيه؛ لأن ما أنكر من قبيل ما يوصف الله تعالى بالقدرة عليه، بدليل النشأة الأولى، فإذا قيل: من يحيي العظام؟ على طريق الإنكار لأن يكون ذلك ممًا يوصف الله تعالى بكونه قادرًا عليه؛ كان تعجيزًا لله وتشبيهًا له بخلقه في أنهم غير موصوفين بالقدرة عليه. والرميم: اسم لما بلي من العظام غير صفة، كالرمة والرفات، فلا يقال: لم لم يؤنث وقد وقع خبرًا لمؤنث؟ ولا هو فعيل بمعنى فاعل أو

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقلت: مثاله من غلب عليه مرة السوداء إذا طلب من الطبيب تناول الجبن فيقول: عليك بمائه كما أجيب عن قولهم {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ} بقوله: {قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: ١٨٩] وإذا طلب من قهره الصفراء العسل فيقول له: مع الخل، وعليه ما نحن بصدده، وقوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ} [البقرة: ٢١٥].

قوله: (من التشبيه؛ لأن ما أنكر) إلى آخره، تلخيصه: أن إحياء الأموات من قبيل الصفات التي يوصف بها الباري ليمتاز عن الخلق كما قال إبراهيم عليه السلام: {رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ} [البقرة: ٢٥٨] وقال تعالى: {هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ} [الدخان: ٨]، فإذا أنكر ذلك لزم منه العجز وهو ما يرصف به المخلوق، فلذلك قيل: {وضَرَبَ لَنَا مَثَلًا} أي شبهنا بالمخلوقين.

قال الإمام: {وضَرَبَ لَنَا مَثَلًا} جعل قدرتنا كقدرتهم ونسي خلقه العجيب وبدأه الغريب.

قوله: (ولا هو فعيل بمعنى فاعل) قيل: هو معطوف على قوله "غير صفة". وفي

<<  <  ج: ص:  >  >>